وَ لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَبِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُواأَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهاكانُوا ظالِمِينَ، قالَ إِنَّ فِيهالُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْفِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُإِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَالْغابِرِينَ.
فهذا الاحتمال غير صحيح ايضا، و لا ينسجممع الآية التي تأتي بعدها و هي محل و تقولالآية التالية: انّ الرسل قالوا لإبراهيم-مباشرة- ان اعرض عن اقتراحك لانّ امر ربّكقد تحقق و العذاب نازل لا محالة.
يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذاإِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُمَرْدُودٍ.
و التعبير «ربّك» لا يدل على انّ هذاالعذاب خلو من الطابع الانتقامي فحسب، بليدل ايضا على انّه علامة لتربية العباد وإصلاح المجتمع الانساني.
و ما نقرؤه في بعض الرّوايات انّ ابراهيمعليه السّلام قال لرسل اللّه: إذا كان بينهؤلاء القوم مائة مؤمن فهل يعذب المؤمنون؟قالوا: لا. فقال: إذا كان بينهم خمسونمؤمنا؟ فقالوا: لا ايضا. قال: فإذا كانبينهم ثلاثون مؤمنا؟ قالوا: لا. قال:
فإذا كان بينهم عشرة؟ قالوا: لا. قال: فإذاكان بينهم خمسة؟ قالوا: لا. قال: فإذا كانبينهم مؤمن واحد؟ قالوا: لا. قال: فإنّ فيهالوطا. قالوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْفِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَ أَهْلَهُإِلَّا امْرَأَتَهُ «1» ... إلخ.
فمثل هذه الرّواية لا تدل بوجه مطلق علىانّ المجادلة اقتصرت على هذا الكلام، بلكان ذلك منه بالنسبة الى المؤمنين، و هوشيء آخر غير مجادلته عن الكفار. و من هنايتّضح انّ الآيات التي وردت في سورةالعنكبوت لا تنافي هذا التّفسير ايضا«فتدبّر».
1- راجع تفسير البرهان، ص 226، ج 2.