بحيث اكّد حتّى العزيز على كتمانها، و لكنحيث انّ هذه الأسرار لا تبقى خافية، و لاسيّما في قصور الملوك و اصحاب المال والقوّة- التي في حيطانها آذان صاغية- فسوفتتسرّب الى خارج القصر كما يقول القرآن فيهذا الشأن: وَ قالَ نِسْوَةٌ فِيالْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِتُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْشَغَفَها حُبًّا ثمّ لمنها و عنّفنها بهذهالجملة إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍمُبِينٍ. و واضح انّ المتحدّث بمثل هذاالكلام كنّ نساء اشراف مصر حيث كانت اخبارالقصور المفعمة بفساد الفراعنة والمستكبرين مثيرة لهنّ و كنّ يستقصينهادائما.
لم يكن فساد هؤلاء النسوة بأقلّ من امراةالعزيز و لكنّ ايديهنّ لم تصل الى يوسف، وكما يقول المثل- «العين بصيرة و اليدقصيرة» فكنّ يرين امراة العزيز بسبب هذاالعشق في ضلال مبين.
و يقول بعض المفسّرين: انّ اذاعة هذاالسرّ من قبل هذه المجموعة من نساء مصر،كانت خطّة لتحريك امراة العزيز حتّىتدعوهنّ الى قصرها لتكشف لهنّ عن براءتهاو تريهن يوسف و جماله! و لعلّهنّ كنّيتصوّرن انّ يوسف إذا رآهنّ بهره جمالهنّ،و ربّما رآهنّ أجمل من امراة العزيز، ولانّ يوسف كان يحترم امراة العزيز احترامالولد لوالدته- ام مربّيته- فهو لا يطمعفيها، و لهذا السبب يكون احتمال نفوذهنّالى قلبه أقوى من نفوذ امراة العزيز اليه!.
«الشغف» من مادّة «الشغاف» و معناه أعلىالقلب او الغشاء الرقيق المحيط بالقلب، وشغفها حبّا معناه انّها تعلّقت به الىدرجة بحيث نفذ حبّه الى قلبها و استقرّ فيأعماقه.
و هذا التعبير اشارة الى العشق الشديد والملتهب.
يذكر «الآلوسي» في تفسيره «روح المعاني»نقلا عن كتاب اسرار البلاغة مراتب الحبّ والعشق و نشير هنا الى قسم منها: