يلاحظ في الآيات السابقة انّ اللّهسبحانه و تعالى يعبّر عن الكيل تارة بـ(الصواع) و اخرى بـ (السقاية)، و الظاهرانّهما صفتان لشيء واحد، حيث ورد في بعضالمصادر انّ هذا الصاع كان في اوّل الأمركأسا يسقى به الملك، ثمّ حينما عمّ القحط والغلاء في مصر و صار الطعام و الحبوب يوزّععلى الناس حسب الحصص، استعمل هذا الكأسالثمين لكيل الطعام و توزيعه، و ذلكإظهارا لاهميّة الحبوب و ترغيبا للناس فيالقناعة و عدم الإسراف في الطعام.
ثمّ انّ المفسّرين ذكروا أوصافا عديدةلهذا الصاع، حيث قال بعضهم انّها كانت منالفضّة و قال آخرون: انّها كأس ذهبية، وأضاف آخرون انّ الكأس كان مطعما بالجواهرو الأحجار الكريمة، و قد وردت في بعضالرّوايات الضعيفة إشارة الى هذه الأمور،لكن ليس لنا دليل قطعي و صريح على صحة كلّهذه المذكورات، الّا ما قيل من انّ هذاالصاع كان في يوم من الايّام كأسا يسقى بهملك مصر، ثمّ صار كيلا للطعام، و منالبديهي انّه لا بدّ و ان يكون لهذا الصاعصبغة رمزية و اعتبارية للدلالة على اهميةالطعام و تحريض الناس على عدم الإسراففيه، إذ لا يعقل ان يكون الجهاز الذي يوزنبه كلّ ما يحتاجه البلد من الطعام والحبوب، هو مجرّد كأس كان يستعمله الملكفي يوم من الايّام.
و أخيرا فقد مرّ علينا خلال البحث انّيوسف قد اختير مشرفا على خزائن الدولة، ومن الطبيعي ان يكون الصاع الملكي الثمينفي حوزته، فحينما حكم على بنيامينبالعبودية صار عبدا لمن كان الصاع في يده(اي يوسف) و هذه هي النتيجة التي كان يوسفقد خطّط لها.