امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 7 -صفحه : 547/ 286
نمايش فراداده

امّا يوسف الذي كانت نفسه تأبى ان يرىاخوته في حال الخجل و الندامة- خاصّة فيهذه اللحظات الحسّاسة و بعد انتصارهعليهم- او لعلّه أراد ان يدفع عن أذهانهمما قد يتبادر إليها من احتمال ان ينتقممنهم، فخاطبهم بقوله: قالَ لا تَثْرِيبَعَلَيْكُمُ الْيَوْمَ «1» اي انّ العتاب والعقاب مرفوع عنكم اليوم، اطمئنوا و كونوامرتاحي الضمير و لا تجعلوا للآلام والمصائب السابقة منفذا الى نفوسكم، ثمّلكي يبيّن لهم انّه ليس وحده الذي أسقطحقّه و عفا عنهم، بل إنّ اللّه سبحانه وتعالى ايضا عفا عنهم حينما أظهروا الندامةو الخجل قال لهم: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْوَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ اي انّاللّه سبحانه و تعالى قد قبل توبتكم و عفاعنكم لانّه ارحم الراحمين.

و هذا دليل على علو قدر يوسف و غاية فضلهحيث انّه لم يعف عن سيّئات اخوته فحسب، بلرفض حتّى ان يوبّخ و يعاتب اخوته- فضلا عنان يجازيهم و يعاقبهم- اضافة الى هذا فإنّهطمأنهم على انّ اللّه سبحانه و تعالى رحيمغفور و انّه تعالى سوف يعفو عن سيّئاتهم، واستدلّ لهم على ذلك بأنّ اللّه سبحانه وتعالى هو ارحم الراحمين.

و هنا تذكر الاخوة مصيبة اخرى قد المّتبعائلتهم و الشاهد الحي على ما اقترفوه فيحقّ أخيهم الا و هو أبوهم حيث فقد الشيخالكبير بصره حزنا و فراقا على يوسف، امّايوسف فإنّه قد وجد لهذه المشكلة حلا حيثخاطبهم بقوله:

اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُعَلى‏ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً ثمّطلب منهم ان يجمعوا العائلة و يأتوا بهمجميعا وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْأَجْمَعِينَ.

اخطأ عن سهو.

(1) «تثريب» أصله من مادّة (ثرب) و هو شحمةرقيقة تغطّي المعدة و الأمعاء، و التثريببمعنى رفع هذا الغطاء، ثمّ بمعنى العتاب والملامة فكان المعاقب قد رفع بعتابه غطاءالذنب عن وجه المذنب (راجع القاموس ومفردات الراغب و تفسير الرازي و روحالمعاني).