امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 7 -صفحه : 547/ 33
نمايش فراداده

و إذا توسعنا في معنى هذه الكلمة و مفهومالجملة وجدناها دعوة الى رعاية جميعالحقوق الفردية و الاجتماعية و لجميعالملل و النحل، و يظهر «بخس الحق» في كلمحيط و عصر و زمان بشكل معين حتى بالمساعدةدون عوض أحيانا، و التعاون و إعطاء قرضمعين (كما هي طريقة المستعمرين في عصرنا).

و نجد في نهاية الآية انّ شعيبا يخطو خطوةاخرى أوسع و يقول لقومه: وَ لا تَعْثَوْافِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ.

فالفساد يقع عن طريق البيع و يقع عن طريقغصب حقوق الناس و الاعتداء على حقوقالآخرين، و الفساد ايضا يقع في الإخلالبالموازين و المقاييس الاجتماعيّة، و يقعايضا ببخس الناس أشياءهم و أموالهم، وأخيرا يقع الفساد على الحيثيات بالاعتداءعلى حرمتها و على النواميس و أرواح الناس.

و جملة «لا تعثوا» معناها «لا تفسدوا»بدلالة ذكر مفسدين بعدها لمزيد التوكيدعلى هذا الموضوع.

انّ الآيتين المتقدمتين تعكسان هذهالواقعية بجلاء، و هي انّه بعد الاعتقادبالتوحيد و النظر الفكري الصحيح، ينظر الىالاقتصاد السليم بأهمية خاصّة، كماتدلّان على انّ الإخلال بالنظامالاقتصادي سيكون أساسا للفساد الوسيع فيالمجتمع.

ثمّ يخبرهم انّ زيادة الثروة- التي تصلالى أيديكم عن طريق الظلم و استثمارالآخرين- ليست هي السبب في غناكم، بل مايغنيكم هو بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌلَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.

التعبير بـ «بَقِيَّتُ اللَّهِ» امّالانّ الربح الحلال القليل المترشح عن امراللّه فهو «بَقِيَّتُ اللَّهِ» و امّالانّ الحصول على الرزق الحلال باعث علىدوام نعم اللّه و بقاء البركات ... و امّالانّه يشير الى الجزاء و الثواب المعنويالذي يبقى الى الأبد. فإنّ الدنيا فانية وما فيها لا محاله فان، و تشير الآية (46) منسورة الكهف: وَ الْباقِياتُ الصَّالِحاتُخَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَ خَيْرٌأَمَلًا الى هذا المضمون ايضا. و التعبير