امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 7 -صفحه : 547/ 367
نمايش فراداده

بحوث‏

هذا المثال البليغ الذي عبّر عنه القرآنالكريم بألفاظ موزونة و عبارات منظّمة. وصوّر فيها الحقّ و الباطل بأروع صورة، فيهحقائق مخفيّة كثيرة و نشير هنا الى قسممنها:

1- ما هي علائم معرفة الحقّ و الباطل‏؟

يحتاج الإنسان في بعض الأحيان لمعرفةالحقّ و الباطل- إذا أشكل عليه الأمر- الىعلائم و أمثال حتّى يتعرّف من خلالها علىالحقائق و الأوهام. و قد بيّن القرآنالكريم هذه العلامات من خلال المثالأعلاه:

الف:- الحقّ مفيد و نافع دائما، كالماءالصافي الذي هو اصل الحياة. امّا الباطلفلا فائدة فيه و لا نفع، فلا الزبد الطافيعلى الماء يروي ظمآنا أو يسقي أشجارا، و لاالزبد الظاهر من صهر الفلزات يمكن انيستفاد منه للزينة او للاستعمالاتالحياتية الاخرى، و إذا استخدمت لغرضفيكون استخدامها رديئا و لا يؤخذ بنظرالاعتبار .. كما نستخدم نشارة الخشبللإحراق.

باء:- الباطل هو المستكبر و المرفّه كثيرالصوت، كثير الأقوال لكنّه فارغ منالمحتوى، امّا الحقّ فمتواضع قليل الصوت،و كبير المعنى، و ثقيل الوزن «1».

جيم- الحقّ يعتمد على ذاته دائما، امّاالباطل فيستمدّ اعتباره من الحقّ و يسعىللتلبّس به، كما انّ (الكذب يتلبّس بضياءالصدق) و لو فقد الكلام الصادق من العالملما كان هناك من يصدق الكذب. و لو فقدتالبضاعة السليمة من العالم لما وجد منيخدع ببضاعة مغشوشة. و على هذا فوجودالباطل راجع الى شعاعه الخاطف و اعتبارهالمؤقّت الذي سرقه من الحقّ، امّا الحقّفهو مستند الى نفسه و اعتباره منه.

(1)

يقول الامام علي عليه السّلام في وصفهأصحابه يوم الجمل «و قد ارعدوا و ابرقوا ومع هذين الأمرين الفشل، و لسنا نرعد حتّىنوقع و لا نسيل حتّى نمطر».