و بالنسبة الى المنافقين الذين يقضون فيظلّ نفاقهم ايّاما مريحة ظاهرا، فإنّالقرآن الكريم يضرب مثالا رائعا عن حالهم،فيشبهّهم بالمسافرين في الصحراء فيقوليَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْكُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَ لَوْشاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّشَيْءٍ قَدِيرٌ. «1».
فهل يوجد أوضح من هذا الوصف للمنافقالتائه في الطريق، ليستفيد من نفاقه وعمله كي يستمرّ في حياته؟
و عند ما تقول للافراد: انّ الإنفاقيضاعفه لكم اللّه عدّة مرّات قد لايستطيعون ان يفهموا هذا الحديث، و لكنيقول القرآن الكريم: مَثَلُ الَّذِينَيُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِاللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْسَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍمِائَةُ حَبَّةٍ «2»، و هذا المثال الواضحاقرب للإدراك.
و غالبا ما نقول: انّ الرياء لا ينفعالإنسان، فقد يكون هذا الحديث ثقيلا علىالبعض، كيف يمكن لهذا العمل ان يكون غيرمفيد، فبناء مستشفى او مدرسة حتّى لو كانبقصد الرياء .. لماذا ليست له قيمة عنداللّه؟! و لكن يضرب اللّه مثالا رائعا حيثيقول: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍعَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌفَتَرَكَهُ صَلْداً. «3»
و لكي لا نبتعد كثيرا فالآية التي نحنبصدد تفسيرها تبحث في مجال الحقّ و الباطلو تجسّم هذه المسألة بشكل دقيق، المقدّماتو النتائج، و الصفات و الخصوصيات والآثار، و تجعلها قابلة الفهم للجميع وتسكت المعاندين، و اكثر
(1) البقرة، 20. (2) البقرة، 261. (3) البقرة، 264.