امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 7 -صفحه : 547/ 466
نمايش فراداده

و في الآية (159) آل عمران فَاعْفُ عَنْهُمْوَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِيالْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْعَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّالْمُتَوَكِّلِينَ.

و كذلك يقول القرآن الكريم: إِنَّهُلَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَآمَنُوا وَ عَلى‏ رَبِّهِمْيَتَوَكَّلُونَ. «1»

نستفيد من مجموع هذه الآيات انّ القصد منالتوكّل ان لا يحسّ الإنسان بالضعف فيمقابل المشكلات العظيمة، بل بتوكّله علىقدرة اللّه المطلقة يرى نفسه فاتحا ومنتصرا، و بهذا الترتيب فالتوكّل عامل منعوامل القوّة و استمداد الطاقة و سبب فيزيادة المقاومة و الثبات. و إذا كانالتوكّل يعني الجلوس في زاوية و وضع احدىاليدين على الاخرى، فلا معنى لأن يذكرهالقرآن بالنسبة للمجاهدين و أمثالهم.

و إذا اعتقد البعض انّ التوكّل لا ينسجممع التوجه الى العلل و الأسباب و العواملالطبيعيّة، فهو في خطأ كبير، لانّ فصلالعوامل الطبيعيّة عن الارادة الالهيّةيعتبر شركا باللّه، او ليست هذه العواملتسير بأوامر و مشيئة اللّه؟

نعم إذا اعتقدنا انّ العوامل مستقلّة عنارادته فهي لا تتناسب مع روح التوكّل. فهلمن الصحيح ان نفسّر التوكّل بهذاالتّفسير، مع انّ الرّسول الأكرم صلّىالله عليه وآله وسلّم الذي هو راسالمتوكّلين لم يغفل من استخدام الخططالصحيحة و الاستفادة من الفرص المتاحة وانواع الوسائل و الأسباب الظاهرية لتحقيقاهدافه، انّ هذا يثبت انّ التوكّل ليس لهمفهوم سلبي.

ثانيا: انّ التوكّل ينجّي الإنسان منالتبعية التي هي اصل الذلّ و العبودية، ويمنحه الحرية و الاعتماد على النفس.

«التوكّل» و «القناعة» لهما جذور مشتركة،و فلسفتهما متشابهة، و في نفس الوقتمتفاوتة، و لا بأس هنا ان نذكر عدّة رواياتفي مجال التوكّل و أصله‏

(1) النحل، 99.