امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 9 -صفحه : 556/ 301
نمايش فراداده

و لا يبقى ثمّة مجال للشك.

و لكن بالرغم من هذا فإنّ مجموعة عصاة لميؤمنوا أبدا: وَ كانَ الْإِنْسانُأَكْثَرَ شَيْ‏ءٍ جَدَلًا.

«صرّفنا» من «تصريف» و تعني التغيير والتحوّل من حال إلى حال. الهدف من هذاالتعبير في الآية أعلاه هو أنّنا تحدثنامع الناس بكل لسان يمكن التأثير به عليهم.

«جدل» تعني محادثة الآخرين على أساسالمنازعة و إظهار نزعة التسلّط علىالآخرين. و لهذا فإنّ (المجادلة) تعني قيامشخصين بإطالة الحديث في حالة من التشاجر،و هذه الكلمة في الأصل مأخوذة- و كما يقولالراغب في المفردات- من (جدلت الحبل) أيربطت الحبل بقوّة، و هي كناية عن أنّ الشخصالمجادل يستهدف من خلال جدله أن يحرفالشخص الآخر- بالقوّة- عن أفكاره.

و قال آخرون: إنّ أصل (الجدال) هو بمعنىالمصارعة و إسقاط الآخر على الأرض. و هيتستعمل أيضا في الدلالة على الشجاراللفظي.

في كل الأحوال، يكون المقصود بالناس فيالآية هم تلك الفئة التي لا تقوم في وجودهاو ممارساتها على أصول التربية الإسلامية وقواعدها، و قد أكثر القرآن في استعمال هذهالتعابير، و قد شرحنا هذه الحالة مفصلا فينهاية الحديث عن الآية (12) من سورة يونس.

الآية التي بعدها تقول: إنّه بالرغم من كلهذه الأمثلة المختلفة و التوضيحاتالمثيرة و الأساليب المختلفة التي ينبغيأن تنفذ إلى داخل الإنسان المستعد لقبولالحق، فإنّ هناك مجموعة كبيرة من الناس لمتؤمن: وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْيُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى‏ وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْتَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أيمصير الأمم السالفة: أَوْ يَأْتِيَهُمُالْعَذابُ قُبُلًا «1» فيرونه بامّأعينهم.

إنّ هذه الآية- في الحقيقة- إشارة الى أنّهذه المجموعة المعاندة و المغرورة

1- (قبل) تعني (التقابل، بمعنى مشاهدةالعذاب الإلهي بالعين، بعض المفسّرينكالطبرسي في مجمع البيان، و أبي الفتوح فيروح الجنان، و الآلوسي في روح المعانياحتملوا أن تكون (قبل) جمع (قبيل) و هي إشارةإلى الأنواع المختلفة من العذاب، إلّا أنّالمعنى الأوّل أقرب حسب الظاهر.