كثر الكلام بين المفسّرين عن المقصودبالرؤيا و نجمل هذه الأقوال بما يلي:
أ: بعض المفسّرين قالوا: إنّ هذه الرؤيا لاتعني رؤيا المنام، بل تعني المشاهدةالحيّة الحقيقية للعين، و يعتبرونها (أيالرؤيا) إشارة إلى قصّة المعراج التي وردذكرها في بداية هذه السورة.
فالقرآن و وفقا لهذا التّفسير يقول: إنّحادثة المعراج هي بمثابة اختبار للناس،لأنّ الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّمما إن شرع بذكر قصّة المعراج و الإخبارعنها، حتى ارتفعت أصوات الناس، بآراءمختلفة حولها، فالأعداء استهزؤا بها، وضعيفو الإيمان نظروا إليها بشيء منالتردّد و الشك، أمّا المؤمنون الحقيقيونفقد صدّقوا رسول اللّه صلّى الله عليهوآله وسلّم فيما أخبر، و اعتقدوا بالمعراجبشكل كامل، لأنّ مثل هذه الأمور تعتبربسيطة في مقابل القدرة المطلقة للخالق جلّو علا.
الملاحظة الوحيدة التي يمكن درجها علىهذا التّفسير، هي أنّ الرؤيا عادة ما تطلقعلى رؤيا المنام، لا الرؤيا في اليقظة.
ب: نقل عن ابن عباس، أنّ المقصود بالرؤيا،هي الرؤيا التي رآها رسول اللّه صلّى اللهعليه وآله وسلّم في السنّة السّادسة منالهجرة المباركة (أي عام الحديبية) فيالمدينة، و بشرّ بها الناس أنّهم سينتصرونعلى قريش قريبا و سيدخلون المسجد الحرامآمنين.
و من المعلوم أنّ هذه الرؤيا لم تتحقق فيتلك السنة، بل تحققت بعد سنتين أي في عامفتح مكّة. و هذا المقدار من التأخير جعلأصحاب الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّميقعون في بوتقة الاختبار، إذ أصيب ضعيفوالإيمان بالشك و الريبة من رؤيا الرّسول وقوله، في حين أنّ الرّسول صلّى الله عليهوآله وسلّم بيّن لهم- بصراحة- بأنّني لمأقل لكم