زوجا لحد الآن، و لم أكن امرأة منحرفة قط،و لم يسمع لحد الآن أنّ شخصا يولد له ولد منغير هذين الطريقين! إلّا أنّ أمواج هذاالقلق المتلاطمة هدأت بسرعة عند سماع كلامآخر من رسول اللّه إليها، فقد خاطب مريمبصراحة: قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَعَلَيَّ هَيِّنٌ فأنت الواقفة على قدرتي والعالمة بها جيدا .. أنت التي رأيت ثمرالجنّة في فصل لا يوجد شبيه لتلك الفاكهةفي الدنيا جنب محراب عبادتك. أنت التي سمعتنداء الملائكة حين شهدت بعفتك و طهارتك ..أنت التي تعلمين أنّ جدك آدم قد خلق منالتراب، فلما ذا هذا التعجب من سماعك هذاالخبر؟
ثمّ أضاف: وَ لِنَجْعَلَهُ آيَةًلِلنَّاسِ وَ رَحْمَةً مِنَّا فنحن نريدأن نبعثه للناس رحمة من عندنا، و نجعلهمعجزة، و على كل حال وَ كانَ أَمْراًمَقْضِيًّا. فلا مجال بعد ذلك للمناقشة.
إنّ كل المفسّرين المعروفين تقريبافسّروا الروح هنا بأنّه جبرئيل ملك اللّهالعظيم، و التعبير عنه الروح لأنّهروحاني، و وجود مفيض للحياة، لأنّه حاملالرسالة الإلهية إلى الأنبياء و فيها حياةجميع البشر اللائقين، و إضافة الروح هناإلى اللّه دليل على عظمة و شرف هذا الروح،حيث أنّ من أقسام الإضافة هي (الإضافةالتشريفية).
و يستفاد من هذه الآية بصورة ضمنية أنّنزول جبرئيل لم يكن مختصا بالأنبياء، و إنكان نزوله بالوحي و الشريعة و الكتبالسماوية منحصرا فيه، إلّا أنّه لا مانعمن أن يواجه غير الأنبياء من أجل تبليغرسائل و أوامر أخرى، كرسالته المذكورة إلىمريم.