امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 9 -صفحه : 556/ 532
نمايش فراداده

و سندها أيضا، و هكذا تلقّى موسى عليهالسّلام في تلك الليلة المليئة بالذكرياتو الحوادث معجزتين كبيرتين من اللّه، ويبيّن القرآن الكريم هذه الحادثة فيقول:

وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى‏؟

إنّ هذا السؤال البسيط المقترن باللطف والمحبة، إضافة إلى أنّه بثّ الطمانينة فينفس موسى عليه السّلام الذي كان غارقاحينئذ في دوامة من الاضطراب و الهيجانفإنّه كان مقدمة لحادثة مهمّة.

فأجاب موسى: قالَ هِيَ عَصايَ و لما كانراغبا في أن يستمر في حديثه مع محبوبه الذيفتح الباب بوجهه لأوّل مرّة، و ربّما كانيظن أيضا أن قوله: هِيَ عَصايَ غير كاف،فأراد أن يبيّن آثارها و فوائدها فأضاف:أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَ أَهُشُّ «1»بِها عَلى‏ غَنَمِي أي أضرب بها على أغصانالشجر فتتساقط أوراقها لتأكلها الأغناموَ لِيَ فِيها مَآرِبُ «2» أُخْرى‏.

من المعلوم ما للعصا لأصحابها من فوائد،فهم يستعملونها أحيانا كسلاح للدفاع عنأنفسهم أمام الحيوانات المؤذية والأعداء، و أحيانا يصنعون منها مظلة فيالصحراء تقيهم حرّ الشمس، و أحيانا أخرىيربطون بها وعاء أو دلوا و يسحبون الماء منالبئر العميق.

عل كل حال، فإنّ موسى غط في تفكير عميق: أيسؤال هذا في هذا المجلس العظيم، و أي جوابأعطيه؟ و ماذا كانت تلك الأوامر؟ و لماذاهذا السؤال؟

و فجأة قالَ أَلْقِها يا مُوسى‏فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى‏.«تسعى» من مادة السعي أي المشي السريعالذي لا يصل إلى الركض.

1- «أهش» من مادة هشّ- بفتح الهاء- أي ضربأوراق الشجر و تساقطها.

2- «مآرب» جمع مأربة، أي الحاجة و المقصد.