امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 9 -صفحه : 556/ 533
نمايش فراداده

و هنا صدر الأمر لموسى قالَ خُذْها وَ لاتَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَاالْأُولى‏ «1».

و في الآية (31) من سورة القصص نقرأ: وَلَّىمُدْبِراً وَ لَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى‏أَقْبِلْ وَ لا تَخَفْ.

و بالرغم من أن خوف موسى هنا قد أثارالتساؤل لدى بعض المفسّرين بأن هذه الحالةكيف تناسب موسى مع الشجاعة التي عهدنا لدىموسى، و أثبتها عمليا طوال عمره عندمحاربته الفراعنة؟ إضافة إلى صفات و شروطالأنبياء بصورة عامّة.

إلّا أنّ الجواب عن هذا السؤال يتّضحبملاحظة نكتة واحدة، و هي أن من الطبيعي أنكل إنسان، مهما كان شجاعا و غير هياب، إذارأى فجأة قطعة خشب تتحول إلى حية عظيمة وتتحرك بسرعة، فلا بدّ أن يرتبك و يخاف و لولمدّة قصيرة و يسحب نفسه جانبا توقيا،إلّا أن يكون هذا المشهد قد تكرر أمامهمرارا، ورد الفعل الطبيعي هذا لا يكوننقطة ضعف ضد موسى أبدا. و لا تنافي الآية (39)من سورة الأحزاب حيث تقول: الَّذِينَيُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَداًإِلَّا اللَّهَ فإن هذا الخوف طبيعي ومؤقت و سريع الزوال أمام حادثة لم تحدث منقبل قط، و خارق للعادة.

ثمّ أشارت الآية التالية إلى المعجزةالمهمّة الثّانية لموسى، فأمرته: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى‏ جَناحِكَ تَخْرُجْبَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةًأُخْرى‏ «2».

و بالرغم من أنّ للمفسّرين في تفسير جملةوَ اضْمُمْ يَدَكَ إِلى‏ جَناحِكَ ...

أقوالا مختلفة، إلّا أنّه بملاحظة الآية(32) من سورة القصص، و التي تقول:

اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ و الآية (12)من سورة النمل، و التي تقول:

1- «السيرة»- كما يقول الراغب في المفردات-بمعنى الحالة الباطنية، سواء غريزية أواكتسابية و البعض فسرها هنا بمعنى الهيئةو الصورة.

2- آية منصوبة على أنها اسم حال محل الحال،و الحال لضمير مستتر في (تخرج).