ممّا يلفت النظر أنّه قد ذكرت في الآيات-محلّ البحث- هذه العقوبات المؤلمة للأفرادالذين يسرفون و لا يؤمنون بآيات اللّه.
إنّ التعبير بـ «الإسراف» هنا قد يكونإشارة إلى أنّهم قد استعملوا تلك النعم والعطايا الإلهيّة، كالعين و الاذن والعقل، في طرق الشّر، و ليس الإسراف إلّاأن يتلف الإنسان هذه النعم من غير هدف.
أو أن يكون إشارة إلى أنّ المذنبين قسمان:قسم لهم ذنوب محدودة، و في قلوبهم خوفاللّه، أي أنّهم لم يقطعوا ارتباطهم وصلتهم باللّه تماما، فإذا ما ظلموا- علىسبيل الفرض- يتيما أو ضريرا فإنّهم لايستبيحون ذلك العمل، بل يعدّون أنفسهممقصّرين أمام اللّه. و لا شكّ أنّ مثل هذاالفرد عاص يستحقّ العقاب، إلّا أنّ بينه وبين من يقترف الذنوب بلا حساب- و لا يعتبرذلك ذنبا، و لا يعترف بمعيار للذنب و عدمه،بل و يفتخر أحيانا بارتكابه المعاصي، أويحتقر الذنب و يستصغره- فرقا شاسعا، لأنّالقسم الأوّل يمكن أن يتوبوا في النهاية ويجبروا ما صدر عنهم من ذنوب، أمّا أولئكالذين يسرفون في الذنوب فلا توبة لهم.
«الهبوط» في اللغة بمعنى النّزولالإجباري، كسقوط الصخرة من مرتفع ما، وعند ما تستعمل في حقّ الإنسان فإنّها تعنيالإبعاد و الإنزال عقابا له.
و بملاحظة أنّ أدم قد خلق للحياة على وجهالأرض، و كانت الجنّة أيضا بقعة خضراء وفيرة النعمة من هذا العالم، فإنّ هبوط ونزول آدم هنا يعني النّزول المقامي لاالمكاني، أي إنّ اللّه سبحانه قد نزّلمقامه لتركه الأولى، و حرمه من كلّ نعمالجنّة تلك، و ابتلاه بمصائب هذه الدنيا ومتاعبها.
و ممّا يستحقّ الالتفات أنّ المخاطب هناقد ذكر بصيغة المثنّى (اهبطا) أي