معارك ضارية خاضوها بضالة عدد وعدّة، ذلكالنصر الذي لا يمكن أن يقع إلّا بإمدادإلهي.
و آخر آية تفسّر المراد من أنصار اللّهالذين وعدهم بنصره في الآية السابقة، وتقول: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِيالْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُاالزَّكاةَ وَ أَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ.
إنّهم فئة لا تلهو و لا تلعب كالجبابرةبعد انتصارها، و لا يأخذها الكبر والغرور، إنّما ترى النصر سلّما لارتقاءالفرد و الجماعة. إنّها لن تتحوّل إلىطاغوت جديد بعد وصولها إلى السلطة،لارتباطها القويّ باللّه، و الصلاة رمزهذا الارتباط بالخالق، و الزكاة رمزللالتحام مع الخلق، و الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعامتان قويتان لبناءمجتمع سليم. و هذه الصفات الأربع تكفيلتعريف هؤلاء الأفراد، ففي ظلّها تتمّممارسة سائر العبادات و الأعمال الصالحة،و ترسم بذلك خصائص المجتمع المؤمن المتطور«1».
كلمة «مكّنا» مشتقة من «التمكين» الذييعني إعداد الأجهزة و المعدّات الخاصّةبالعمل، من عدد و آلات ضرورية و علم و وعيكاف و قدرة جسمية و ذهنية.
و تطلق كلمة «المعروف» على الأعمالالجيدة و الحقّة، و «المنكر» يعني العملالقبيح، لأنّ الكلمة الأولى تطلق علىالأعمال المعروفة بالفطرة، و الكلمةالثّانية على الأعمال المجهولة و المنكرة.أو بتعبير آخر: الأولى تعني الانسجام معالفطرة الإنسانية، و الثّانية تعني عدمالانسجام.
و تقول الآية في ختامها وَ لِلَّهِعاقِبَةُ الْأُمُورِ و تعني أنّ بداية أيقدرة و نصر من اللّه تعالى، و تعود كلّهافي الأخير إليه ثانية إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
1- تناولنا أهميّة الأمر بالمعروف و النهيعن المنكر و مسائل هذين الواجبينالإسلاميين، و الجواب عن استفسارات في هذاالمجال ببحث مسهب في تفسير الآية (104) منسورة آل عمران.