امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 10 -صفحه : 540/ 456
نمايش فراداده

الناس جميعا.

و قد وردت كلمة «الامّة» في القرآن المجيدبمعنى «الجماعة» غالبا، و ندر ورودهابمعنى «الدين» مثل إِنَّا وَجَدْناآباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى‏آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ «1».

و ممّا يلفت النظر أنّ هذا المعنى تضمّنتهالآية 92 من سورة الأنبياء مع فارق بسيطإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةًواحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْفَاعْبُدُونِ. في وقت شرحت الآيات السابقةلهذه الآية حياة كثير من الأنبياء، و«هذه» في الحقيقة إشارة إلى أمم الأنبياءالسابقين، الذين كانوا يشكّلون أمّةواحدة بحسب التعاليم الإلهيّة، حيثتحرّكوا جميعا لتحقيق هدف واحد.

و قد حذّرت الآية التالية البشر من الفرقةو الاختلاف، بعد أن تمّت في الآية السابقةدعوتهم إلى التمسّك بالواحدة فقالت:فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْزُبُراً و ممّا يثير الدهشة أنّ كُلُّحِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ.

«الزبر» جمع «زبرة» على وزن «لقمة» تعنيبعض شعر الحيوان خلف رأسه.

يجمعه الراعي ليفصله عن باقي الشعر. ثمّأطلقت هذه الكلمة على كلّ شي‏ء ينفصل عنأصله، فتقول الآية: فَتَقَطَّعُواأَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً. إشارةمنها إلى تفرّق الامّة إلى مجموعات و فئاتمختلفة.

و احتمل البعض الآخر أنّ الزبر جمع «زبور»بمعنى كتاب، و تعني أنّ كلّ فئة منهم كانتتمسك بكتاب منزل و تنفي ما عداه من الكتبالسماوية، مع أنّ مصدرها واحد. و لكن عبارةكُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَتدعم التّفسير الأوّل، فكلّ حزب يتحدّثبما تشتهي نفسه، و يصرّ على رأيه.

تستعرض الآية حقيقة نفسيّة و اجتماعية هيأنّ التعصّب الجاهلي للأحزاب‏

1- الزخرف، 23.