المعروفون بالصلاح و الاستقامة، فلم يبقاللّه للمشركين ذريعة في هذا الصدد إذ قالسبحانه: أَمْ لَمْ يَعْرِفُوارَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ.
فلو كان الرسل مجهولين لتذرّع المنافقونبذلك، و لأنكروا الرسالات السماوية.
و الأمر الآخر أنّ الرسل لا يستسلمون أبدالأهواء الناس. و لا يقرّون الناس على مااعتادوه من انحراف، مثلما نشاهده اليومحيث التأييد المطلق لكلّ الرغبات العامّة(رغم انحراف الكثير منها). و على هذا كانالرسل يواصلون عملهم بإصرار دائم لنشرالعقيدة الحقّة رغم رفض عدد كبير من الناسلهم و حقدهم عليهم.
و الصفة الاخرى للأنبياء أنّهم لم يطلبواأجرا من الناس، و لم يأخذوا منهم شيئا فيمقابل نشر الحقّ، فهم لا يرجون غير اللّه،و ظلّوا يتجرّعون الفقر و البأساء دون أنيكون لأحد عليهم منّة قطّ، ليبقوا أحراراطليقين في نشر دعوتهم بين الناس.
3- لماذا لا يميل أكثر الناس إلى الحقّ؟
لقد استنكرت آيات القرآن الكريم- كالآياتالسابقة- «الأكثرية» من الناس، في حين نرىأنّ «الأكثرية» يقرّرون اليوم صلاحالشيء أو عدمه فهم معيار الحسن و القبحفي المجتمع، و هذا يثير علامة استفهامكبيرة: و ليس الكلام في الآيات التي تذكرالأكثرية مع إضافة ضمير (هم) حيث يكونالمراد منها أكثر الكافرين و المشركين وأمثالهم، بل الكلام حول الآيات التي تذكرعنوان (أكثر الناس) من قبيل: وَ لكِنَّأَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ «1».
1- البقرة، 243.