امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 14 -صفحه : 618/ 243
نمايش فراداده

في العظمة و المتناهية التنظيم و الدقّةفي قوانينها، كيف لا يكون قادرا على إحياءالموتى؟ و لكون الجواب على هذا السؤال واضحا، وكامنا في كلّ قلب و روح، فإنّ الآية لاتنتظر الجواب، إنّما تردف مضيّفة «بلى» وتتابع مؤكّدة على صفتين للّه سبحانه وتعالى- الخالقية و العلم المطلق- و ذلك فيحقيقته دليل على الكلام المتقدّم، فإذاكنتم تشكّون في قدرته على الخلق فهو«الخلّاق» (و هي صيغة مبالغة).

و إذا كان جمع هذه الذرّات يحتاج إلى علمأو معرفة فهو «العليم» المطلق.

أمّا على ماذا يعود الضمير في «مثلهم» فقداحتمل المفسّرون احتمالات عديدة، و لكنأشهرها هو القول بعودة الضمير على «البشر»و المعنى: إنّ خالق السماء و الأرض قادرعلى خلق مثل البشر.

و هنا يأتي السؤال التالي و هو لماذا لميقل: قادر على أن يخلقهم من جديد، بل قال:بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يَخْلُقَمِثْلَهُمْ؟ و للإجابة على هذا السؤال ذكرت أجوبةكثيرة، يبدو أقربها: أنّ بدن الإنسان عندما يتحوّل- أو بالأحرى يتحلّل- إلى تراب،فإنّه يفقد الصورة النهائية التي كانعليها، و في يوم القيامة عند ما يعاد خلقهذا الإنسان من جديد، فإنّه سيخلق من نفسالمواد و لكن بصورة جديدة تشبه الصورةالقديمة، بلحاظ أنّ عودة نفس الصورةالقديمة- بالأخصّ إذا أخذنا في الإعتبارقيد الزمن- غير ممكن، و خصوصا إذا علمنا-مثلا- أنّ الإنسان لا يحشر بجميعالمواصفات و الكيفية التي كان عليهاسابقا، فإنّ الشيبة و الشيوخ- مثلا- يحشرونشبّانا، و المعلولين يحشرون سالمين، وهكذا.

و بتعبير آخر، فإنّ بدن الإنسان كالطابوقالطيني غير المفخور- اللبن- الذي يمرّ عليهالزمان فيتهدّم و يصبح ترابا، ثمّ يجمع منجديد و تصنع منه خميرة الطين و يوضع فيقالب مرّة اخرى و يصنع لبنا جديدا مرّةاخرى. فهذا «اللبن» هو من‏