امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 14 -صفحه : 618/ 340
نمايش فراداده

الطعام اليوم، في حين أنّ قصد المجيب هوأنّه تناول الطعام يوم أمس.

مسألة هل أنّ التورية كذب أم لا؟ مطروحةفي الكتب الفقهية، فمجموعة من كبارالعلماء و منهم الشيخ الأنصاري رضواناللّه عليه يعتقدون أنّ التورية ليستكذبا، فلا العرف و لا الروايات تعدهاكذبا، و إنّما وردت بشأنها روايات تنفيعنها صفة الكذب، إذ قال الإمام الصادق عليه السّلام: «الرجليستأذن عليه فيقول للجارية قولي ليس هوهاهنا. فقال عليه السّلام: لا بأس ليسبكذب» «1».

و الحقّ هو لزوم القول بالتفصيل، و لا بدّمن وضع ضابطة كليّة: فإذا كان للفظ فياللغة و العرف معنيان، و المخاطب تصوّرمعنى خاصّا من تلك الكلمة، في حين أنّالمتحدّث يقصد معنى آخر، مثل هذا يعدّتورية و ليس بكذب، حيث يستخدم لفظ مشتركالمعاني يفهم منه المخاطب شيئا، في حينأنّ المتحدّث يقصد منه معنى آخر.

و على سبيل المثال، جاء في شرح حال «سعيدبن جبير»، أنّ الطاغية الحجّاج بن يوسفالثقفي سأل سعيد بالقول: ما هو تقييمك لي،فأجابه سعيد: إنّك (عادل)، ففرح جلاوزةالحجّاج، في حين قال الحجّاج: إنّه بكلامههذا كفّرني، لأنّ أحد معاني (العادل) هوالعدول من الحقّ إلى الباطل.

أمّا إذا كان للفظ معنى لغوي و عرفي واحدمن حيث المفهوم، و المتحدّث يترك المعنىالحقيقي و يستخدمه كمعنى مجازي من دون أنيذكر قرائن المجاز، فمثل هذه التورية- مندون أيّ شكّ- حرام، و لربّما تمكّنا بهذاالتفصيل الجمع بين آراء مختلف الفقهاء.

و لكن، يجب الانتباه إلى أنّه في بعضالأحيان حتّى في الموارد التي لا تكونفيها التورية مصداقا للكذب، تكون للتوريةأحيانا مفاسد و مضارّ و إيقاع الناس فيالخطأ، و من هذا الباب قد تصل في بعضالأحيان إلى درجة الحرمة، و لكن إن‏

1- وسائل الشيعة، المجلّد 8، 580، (الباب 141 في أبواب العشرة الحديث 8).