عبارات (فشلتم) و (تنازعتم) و (عصيتم) التيوردت في الآية المذكورة أعلاه، و ضحّتبصورة جيّدة أنّ المسلمين في يوم احدتخلّوا عن شروط النصر الإلهي، لذا فشلوافي الوصول إلى أهدافهم.
نعم، فالباري عزّ و جلّ لم يعد كلّ منيدّعي الإسلام و أنّه من جند اللّه و حزباللّه بأن ينصره دائما على أعدائه. الوعدالإلهي مقطوع لمن يرجو من أعماق قلبه وروحه رضى اللّه سبحانه و تعالى، و يسير فيالنهج الذي وضعه اللّه، و يتحلّى بالتقوىو الأمانة.
و لقد تقدّم نظير لهذا السؤال فيما يخصّ(الدعاء) و (الوعد الإلهي بالاستجابة) وتطرّقنا للإجابة عليه فيما مضى «1».
و لمواساة الرّسول الأكرم صلّى الله عليهوآله وسلّم و المؤمنين، و للتأكيد على أنّالنصر النهائي سيكون حليفهم، و في نفسالوقت لتهديد المشركين، جاءت الآيةالتالية لتقول:
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ.
نعم، إنّه تهديد مفعم بالمعاني و رهيب فينفس الوقت، و يمكن أن يكون مصدر اطمئنانللمؤمنين في أنّ النصر النهائي سيكونحليفهم، خاصّة أنّ عبارة حَتَّى حِينٍجاءت بصورة غامضة.
فإلى أي مدّة تشير هذه العبارة؟ إلى زمانالهجرة؟ أم إلى حين معركة بدر؟ أم حتّى فتحمكّة؟ أم أنّها تشير إلى الزمان الذيتتوفّر فيه شروط الانتفاضة النهائية والواسعة للمسلمين ضدّ الطغاة والمتجبّرين؟ بالضبط لا أحد يدري ..
و آيات اخرى وردت في القرآن الكريم تحملنفس المعنى، كالآية (81) من سورة النساءالتي تقول: فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ، و الآية (91) منسورة الأنعام، قوله تعالى: قُلِ اللَّهُثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْيَلْعَبُونَ.
1- راجع ذيل الآية (186) من سورة البقرة.