امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 14 -صفحه : 618/ 442
نمايش فراداده

و أنّ فينا الكثير من الشيبة و كبار السنّالأثرياء المعروفون.

هذا المنطق لم يكن منحصرا بذلك الزمانفقط، و إنّما يتعدّاه إلى كلّ عصر و زمان،و حتّى في زماننا، فإن تولّى شخص مامسئولية مهمّة طفحت قلوب الآخرين بالغيظ والحسد، و بدأت ألسنتهم بالثرثرة و توجيهالنقد و الطعن: ألم يكن هناك شخص آخر حتّىتوكّل هذه المهمة بالشخص الفلاني الذي هومن عائلة فقيرة و غير معروفة؟ نعم، فأهل الكتاب من اليهود و النصارىيشتركون بعض الشي‏ء مع المسلمين، و لكنحبّ الدنيا من جهة، و حسدهم من جهة اخرى،تسبّبا في أنّ يبتعدوا عن الإسلام والقرآن، و يقولوا إلى عبدة الأصنام: إنّالطريق الذي تسلكونه أفضل من الطريق الذيسلكه المؤمنون أَ لَمْ تَرَ إِلَىالَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَالْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَ يَقُولُونَ لِلَّذِينَكَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى‏ مِنَالَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا. «1» من البديهي أنّ إشكال التعجّب و الإنكارالمتولّدة عن الخطأ في «تحديد القيم»إضافة إلى الحسد و حبّ الدنيا، لا يمكن أنتكون معيارا منطقيا في القضاء، فهل أنّشخصيّة الإنسان تحدّد باسمه أو مقدار مالهأو مقامه أو حتّى سنّه؟ و هل أنّ الرحمةالإلهيّة تقسّم على أساس هذا المعيار؟ لهذا فإنّ تتمّة الآية تقول: إنّ مرضأولئك شي‏ء آخر، إنّهم في حقيقة الأمريشكّكون في أمر الوحي و أمر اللّه بَلْهُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي.

ملاحظاتهم التي لا قيمة لها على شخصيّةالرّسول ما هي إلّا أعذار واهية، و شكّهم وتردّدهم في هذه المسألة ليس بسبب وجودإبهام في القرآن المجيد، و إنّما بسببأهوائهم النفسية و حبّ الدنيا و حسدهم.

و في نهاية الأمر فإنّ القرآن الكريميهدّدهم بهذه الآية بَلْ لَمَّايَذُوقُوا عَذابِ أي إنّ هؤلاء لم يذوقواالعذاب الإلهي، و لهذا السبب جسروا علىرسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّم‏

1- النساء، 51.