الأداء في العمل، و إنّما هي كناية عنصفتين هما (العلم و القدرة).
أمّا الصفة الرابعة لهم فيقول القرآنبشأنها: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْبِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ «1».
نعم، إنّهم يتطلّعون إلى عالم آخر، و أفقنظرهم لا ينتهي عند الحياة الدنيا ولذّاتها المحدودة، بل يتطّلعون إلى ماوراءها من حياة أبدية و نعيم دائم، و لهذايبذلون الجهد و يسعون غاية السعي لنيلها.
و على هذا فإنّ المراد من كلمة (الدار) هيالدار الآخرة، لأنّه لا توجد دار غيرها، وإن وجدت فما هي إلّا جسر أو ممرّ يؤدّي إلىالآخرة في نهاية الأمر.
بعض المفسّرين احتملوا أن يكون المراد منالدار هنا دار الدنيا، و عبارة ذِكْرَىالدَّارِ إشارة إلى الذكر الحسن الباقيلأولئك الأنبياء في هذه الدنيا، و هذاالاحتمال مستبعد جدّا، و خاصّة أنّ كلمة(الدار) جاءت بشكل مطلق، و كذلك لا تتناسبمع كلمة (ذكرى).
و البعض الآخر احتمل أنّ المراد هو ذكرهمالحسن و الجميل في دار الآخرة، و هذامستبعد أيضا.
و على أيّة حال، فلعلّ الإنسان يتذكّرالآخرة بين حين و آخر، خاصّة عند وفاة أحدأصدقائه أو مشاركته في مراسم التشييع أومجالس الفاتحة، و هذا الذكر ليس خالصا وإنّما هو مشوب بذكر الدنيا، أمّا عباداللّه المخلصون فإنّ لهم توجّها خالصا وعميقا و مستمرا بالنسبة للدار الآخرة، فهيعلى الدوام تتراءى أمام أعينهم، و عبارة(خالصة) في الآية إشارة إلى هذا المعنى.
الصفتان الخامسة و السادسة جاءتا فيالآية التالية وَ إِنَّهُمْ عِنْدَنالَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ
1- (ذكرى الدار) من الممكن أن تكون خبرالمبتدأ محذوف، و تقدير العبارة (هي ذكرالدار)، و من الممكن أن تكون بدلا من(خالصة).