«1».إنّ إيمانهم و عملهم الصالح كانا السبب فياصطفاء البارئ عزّ و جلّ لهم من بين الناسلأداء مهام النبوّة و حمل الرسالة، وعملهم الصالح وصل إلى درجة.استحقّوا بحقّ إطلاق كلمة (الأخيار)عليهم، فأفكارهم سليمة، و أخلاقهم رفيعة،و تصرفاتهم و أعمالهم طوال حياتهم متّزنة،و لهذا السبب فإنّ بعض المفسّرين يستفيدونمن هذه العبارة و أنّ اللّه سبحانه و تعالىاعتبر أولئك أخيارا من دون أي قيد و شرط،كدليل على عصمة الأنبياء، لأنّه متى ماكان وجود الإنسان كلّه خيرا، فمن المؤكّدأنّه معصوم «2».عبارة (عندنا) مليئة بالمعاني العميقة، وتشير إلى أنّ اصطفاءهم و اعتبارهم منالأخيار لم يتمّ وفق تقييم الناس لهم،التقييم الذي لا يخلو من التهاون و غضّالنظر عن كثير من الأمور، و إنّما تمّ بعدالتحقّق من كونهم أهلا لذلك و بعد تقييمهمظاهريا و باطنيا.و بعد أن أشارت الآية السابقة إلى مقامثلاثة أنبياء بارزين، تشير الآيةالتالية، إلى ثلاثة آخرين، إذ تقول: وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ ذَاالْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ.فكلّ واحد منهم كان مثالا و أسوة في الصبرو الاستقامة و طاعة أوامر البارئ عزّ وجلّ، خاصّة «إسماعيل» الذي كان علىاستعداد كامل للتضحية بروحه في سبيلاللّه، و لهذا السبب اطلق عليه لقب (ذبيحاللّه) و هو الذي ساهم مع والده إبراهيمعليه السّلام في بناء الكعبة الشريفة وتثبيت أسس التجمّع العظيم الذي يتمّ فيموسم الحجّ كلّ عام.و استعراض آيات القرآن الكريم لحياةأولئك العظام ليستلهم منها 1- (مصطفين) (بفتح الفاء) جمع مصطفى، و فيالأصل كانت (مصطفيين) حذفت ياؤها الاولىفأصبحت (مصطفين).2- تفسير الفخر الرازي، المجلّد 26،