فلسنا بحاجة إلى تلك الأمور، و أساسافانّه ليس من سنّتنا لإهلاك قوم ظالمين أننستخدم جنود السماء، لأنّ إشارة واحدةكانت كافية للقضاء عليهم جميعا و إرسالهمإلى ديار العدم و الفناء، إشارة واحدةكانت كافية لتبديل عوامل حياتهم و معيشتهمإلى عوامل موت و فناء، و في لحظة خاطفةتقلب حياتهم عاليها سافلها.ثمّ يضيف تعالى إِنْ كانَتْ إِلَّاصَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْخامِدُونَ.هل أنّ تلك الصيحة كانت صدى صاعقة نزلت منالغيوم على الأرض و هزّت كلّ شيء، ودمّرت كلّ العمران الموجود، و جعلت القوممن شدّة الخوف و الوحشة يستسلمون للموت؟ أو أنّها كانت صيحة ناتجة عن زلزلة خرجتمن قلب الأرض فضجّت في الفضاء بحيث أنّ موجانفجارها أهلك الجميع.أيّا كانت فإنّها لم تكن سوى صيحة لمتتجاوز اللحظة الخاطفة في وقوعها، صيحةأسكتت جميع الصيحات، هزّة أوقفت كلّ شيءعن التحرّك، و هكذا هي قدرة اللّه سبحانه وتعالى، و هكذا هو مصير قوم ضالّين لا نفعفيهم.الآية الأخيرة تتعرّض إلى طريقة جميعمتمرّدي التاريخ إزاء الدعوات الإلهيةلأنبياء اللّه بلهجة جميلة تأسر القلوبفتقول: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ مايَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوابِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.وا أسفاه عليهم أن أغلقوا نافذة الرحمةالإلهية عليهم! وا أسفاه عليهم أن كسّروامصباح هدايتهم!!، هؤلاء الضالّونالمحرومون من السعادة لم يكتفوا بعدمالاستماع بآذان قلوبهم لنداء قادةالبشرية العظام فقط، بل إنّهم أصرّوا علىالسخرية و الاستهزاء منهم ثمّ بادروا إلىقتلهم. مع أنّهم علموا المصير المشؤومللطغاة الكفّار من قبلهم، و سمعوا أوقرءوا على صفحات التأريخ كيف كانت خاتمتهمالأليمة، و لكنّهم لم يعتبروا بالمواعظ وسلكوا نفس المسير، و صاروا إلى