لنكوننّ أهدى من إحدى الأمم» «1». فلمّاأشرقت شمس الإسلام من أفق بلادهم، و جاءهمالنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالكتابالسماوي، رفضوا، بل كذّبوا، و حاربوا، ومارسوا أنواع المكر و الخديعة.
فنزلت الآيات أعلاه تلومهم و توبّخهم علىادّعاءاتهم الفارغة.
التّفسير
استكبارهم و مكرهم سبب شقائهم
تواصل هذه الآيات الحديث عن المشركين ومصيرهم في الدنيا و الآخرة.
الآية الاولى تقول: وَ أَقْسَمُوابِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْجاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدىمِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ «2».
«أيمان» جمع «يمين» بمعنى القسم، و فيالأصل فإنّ معنى اليمين هو اليد اليمنى، واليمين في الحلف مستعار منها اعتبارا بمايفعله المعاهد و المحالف و غيره منالمصافحة باليمين عندها.
«جهد»: من «الجهاد» بمعنى السعي والمشقّة، و بذا يكون معنى جَهْدَأَيْمانِهِمْ حلفوا و اجتهدوا في الحلفعلى أن يأتوا به على أبلغ ما في وسعهم.
نعم، فعند ما طالعوا صفحات التأريخ، واطّلعوا على عدم وفاء و عدم شكر تلكالأقوام و جناياتهم بالنسبة إلى أنبيائهمو خصوصا اليهود، تعجّبوا كثيرا و ادّعوالأنفسهم الادّعاءات و تفاخروا على هؤلاءبأن يكون حالهم أفضل منهم.
1- أغلب التفاسير.
2- لأنّ «إحدى» جاءت بصيغة المفرد، فمعنىالآية «أنّهم سيكونون أكثر اهتداء منواحدة من الأمم» و قد تكون الإشارة إلىاليهود (لأنّ صيغة المفرد في الجملةالمثبتة ليس فيها معنى العموم) يبدو ذلكللوهلة الاولى، و لكن كما أشار بعضالمفسّرين فإنّ قرائن الحال تشير إلى أنّالمقصود من الآية العموم، لأنّ الحديث فيمقام المبالغة و التأكيد، و تشير إلىادّعائهم بأنّه في حال بعثة رسول إليهمفانّهم سيكونون أهدى من جميع الأممالسابقة.