تشير هذه الآيات إلى جانب آخر من جهادالرسل الذي وردت الإشارة إليه في هذهالقصّة. و الإشارة تتعلّق بالدفاع المدروسللمؤمنين القلائل و بشجاعتهم في قبالالأكثرية الكافرة المشركة .. و كيف وقفواحتّى الرمق الأخير متصدّين للدفاع عنالرسل.تشرع هذه الآيات بالقول: وَ جاءَ مِنْأَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعىقالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُواالْمُرْسَلِينَ.هذا الرجل الذي يذكر أغلب المفسّرين أنّاسمه «حبيب النجّار» هو من الأشخاص الذينقيّض لهم الاستماع إلى هؤلاء الرسل والإيمان و أدركوا بحقّانية دعوتهم و دقّةتعليماتهم، و كان مؤمنا ثابت القدم فيإيمانه، و حينما بلغه بأنّ مركز المدينةمضطرب و يحتمل أن يقوم الناس بقتل هؤلاءالأنبياء، أسرع- كما يستشفّ من كلمة يسعى-و أوصل نفسه إلى مركز المدينة و دافع عنالحقّ بما استطاع. بل إنّه لم يدّخر وسعافي ذلك.التعبير بـ «رجل» بصورة النكرة يحتملانّه إشارة إلى أنّه كان فردا عاديا، ليسله قدرة أو إمكانية متميّزة في المجتمع، وسلك طريقه فردا وحيدا. و كيف أنّه في نفسالوقت دخل المعركة بين الكفر و الإيمانمدافعا عن الحقّ، لكي يأخذ المؤمنين فيعصر الرّسول الأكرم صلّى الله عليه وآلهوسلّم درسا بأنّهم و إن كانوا قلّة في عصرصدر الإسلام، إلّا أنّ المسؤولية تبقى علىعواتقهم، و أنّ السكوت غير جائز حتّىللفرد الواحد.التعبير بـ «أقصى المدينة» يدلّل على أنّدعوة هؤلاء الأنبياء وصلت إلى النقاطالبعيدة من المدينة، و أثّرت على القلوبالمهيّأة للإيمان، ناهيك عن أنّ أطرافالمدن عادة تكون مراكز للمستضعفينالمستعدين أكثر من غيرهم لقبول