وضع العالم هذا مخالف «للحكمة» و(للعدالة)، و هذا هو دليل آخر على مسألةالمعاد.و بعبارة اخرى، فلإثبات مسألة المعاد-أحيانا- يمكن الاستدلال عليها عن طريقبرهان (الحكمة) و أحيانا اخرى عن طريقبرهان (العدالة)، فالآية السابقة استدلالبالحكمة، و الآية التي بعدها استدلالبالعدالة.الآية الأخيرة في بحثنا هذا تشير إلىموضوع يوضّح- في حقيقة الأمر- الهدف منالخلق، إذ جاء في الآية الكريمة: كِتابٌأَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌلِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ.فتعليماته خالدة، و أوامره عميقة وأصيلة، و نظمه باعثة للحياة و هاديةللإنسان إلى الطريق المؤدّي إلى اكتشافهدف الخلق.فالهدف من نزول هذا الكتاب العظيم لميقتصر- فقط- على تلاوته و تلفّظ اللسان به،بل لكي تكون آياته منبعا للفكر و التفكّر وسببا ليقظة الوجدان، لتبعث بدورها الحركةفي مسير العمل.كلمة (مبارك) تعني شيئا ذا خير دائم ومستمر، أمّا في هذه الآية فإنّها تشير إلىدوام استفادة المجتمع الإنساني منتعليماته، و لكونها استعملت هنا بصورةمطلقة، فإنّها تشمل كلّ خير و سعادة فيالدنيا و الآخرة.و خلاصة الأمر، فإنّ كلّ الخير و البركةفي القرآن، بشرط أن نتدبّر في آياته ونستلهم منها و نعمل بها.