هذا العدد من الأنبياء.
إلّا أنّ هذا الكلام، إضافة إلى أنّه لايثبت مزيتهم المطلقة هذه، فإنّه يدل علىأنّها ليست مزية أساسا، فربّما كانت كثرةالأنبياء فيهم دليلا على غاية تمرد هؤلاءالقوم و قمة عصيانهم، كما بيّنت الحوادثالمختلفة بعد ظهور موسى عليه السّلامأنّهم لم يتركوا شيئا سيئا لم يفعلوه ضدهذا النّبي العظيم.
و على أية حال، فإنّ ما ذكرناه أعلاه فيتفسير الآية، هو المقبول من قبل كثير منالمفسّرين في شأن أهلية بني إسرائيلالنسبية. غير أنّ هؤلاء القوم المعاندين كانوايؤذون أنبياءهم دائما- حسب ما يذكرهالقرآن- و كانوا يقفون أمام أحكام اللّهسبحانه بكلّ تصلب و عناد، بل إنّهم بمجرّدأنّ نجوا من النيل و أهواله طلبوا من موسىأن يجعل لهم آلهة يعبدونها! و هذا يدلناعلى إمكانية أن يكون الهدف من الآية ليسبيان خصيصة لبني إسرائيل، بل بيان حقيقةأخرى. و عليه يصبح معنى الآية: مع أننا نعلمأنّ هؤلاء سيسيئون استغلال نعم اللّه ومواهبه، فقد منحناهم التفوق لنختبرهم.
كما يستفاد من الآية التالية- أيضا- أنّاللّه سبحانه قد منحهم مواهب اخرىليبلوهم.
و لذا فإنّ هذا الاختبار الإلهي لا يدلعلى كونه مزية لهؤلاء، و ليس هذا و حسب، بلهو ذم ضمني أيضا، لأنّهم لم يشكروا هذهالنعمة، و لم يؤدّوا حقها، و لم ينجحوا فيالامتحان. و تشير آخر آية من هذه الآيات إلى بعضالمواهب الأخرى التي منحهم اللّه إيّاها،فتقول: وَ آتَيْناهُمْ مِنَ الْآياتِ مافِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ فمرة ظللنا عليهمالغمام في صحراء سيناء، و في وادي التيه وأخرى أنزلنا عليهم مائدة خاصة من المن والسلوى، و ثالثة أجرينا لهم العيون منالصخور الصماء، و منحناهم أحيانا نعمامادية و معنوية أخرى. إلّا أنّ كلّ ذلك كانلغرض الابتلاء و الامتحان، لأنّ اللّه