بمعنى (بعد)، و قالوا: إنّ معنى الآية هوأنّهم لا يذوقون موتا بعد موتتهم الأولى.
و قدّر البعض الآخر تقديرا في الكلامفقالوا: إنّ التقدير هو: إلّا الموتةالأولى التي ذاقوها «1». الثاني: هو: لماذا ورد الكلام عن الموتةالأولى فقط، في حين أننا نعلم أنّ الإنسانيذوق الموت مرّتين: مرّة عند انتهاءحياته، و أخرى بعد حياة البرزخ؟
و قد ذكروا للإجابة على هذا السؤال عدةإجابات كلها غير مرضية، فآثرنا عدم ذكرهالعدم استحقاقها الذكر. و الأفضل أن يقال: إنّ الحياة و الموت فيالبرزخ لا يشبهان أبدا الحياة و الموتالعاديين، بل إنّ حياة القيامة تشبهالحياة الدنيا من وجوه عديدة بمقتضىالمعاد الجسماني، غاية ما هناك أنّها فيمستوى أعلى و أسمى، و لذلك يقال لأصحابالجنّة: لا موتة بعد الموتة الأولى التيذقتموها، و لما كانت الحياة و الموت فيالبرزخ لا شباهة لهما بحياة الدنيا وموتها لذا لم يرد الكلام حولهما «2».
السؤال الثّالث هو: إنّ عدم وجود الموت فيالقيامة لا ينحصر بأصحاب الجنّة، بل أصحابالنّار لا يموتون أيضا، فلما ذا أكّدتالآية على أصحاب الجنّة؟
للمرحوم الطبرسي جواب رائع عن ذلك، فهويقول: إنّ ذلك بشارة لأهل الجنّة، بأن لهمحياة خالدة هنيئة، أما أصحاب النّار الذينيعتبر كلّ لحظة من لحظات حياتهم موتا، وكأنّهم يحيون و يموتون دائما، فلا معنىلهذا الكلام في حقهم.
و على أية حال، فإنّ التعبير هنا بـ لايَذُوقُونَ إشارة إلى أنّ أصحاب الجنّة لايرون و لا يعانون أدنى أثر من آثار الموت. و جميل أنّ نقرأ
في حديث عن الإمام الباقر عليه السّلامأنّ اللّه تعالى يقول لبعض أهل
1- بناء على هذا فإنّ الاستثناء أعلاهمنقطع أيضا لأنّ أصحاب الجنّة لا يذوقونمثل هذا الموت، بل ذاقوه من قبل (فتأمل!). 2- الحياة و الموت في البرزخ في ذيل الآية(11) من سورة المؤمن.