امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 190
نمايش فراداده

فتعبد المسافة بينهم و بين الحق.

إنّ حسن الخلق و الصفح و رحابة الصدر يقللمن ضغوط هؤلاء و عدائهم من جهة، كما أنّهيمكن أن يكون عاملا لجذبهم إلى الإيمان وإقبالهم عليه.

و قد ورد نظير هذا الأمر الأخلاقي كثيرافي القرآن الكريم كقوله تعالى: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَ قُلْ سَلامٌفَسَوْفَ يَعْلَمُونَ «1» إنّ التصلب فيالتعامل مع الجاهلين و الإصرار علىعقوبتهم لا يثمر في العادة، بل إن تجاهلهمو الاعتزاز بالنفس أمامهم هو الأسلوبالناجح في إيقاظهم، و هو عامل مؤثر فيهدايتهم.

و ليس هذا قانونا عاما بالطبع، إذ لا يمكنإنكار وجود حالات لا يمكن معالجتها ومواجهتها إلّا بالغلظة و الشدّة، غيرأنّها قليلة. و النكتة الأخرى هنا أنّ كلّ الأيّام هيأيّام اللّه، إلّا أنّ (أيّام اللّه) قدأطلقت على أيّام خاصّة، للدلالة علىعظمتها و أهميتها.

لقد ورد هذا التعبير في موضعين من القرآنالمجيد: أحدهما في هذه الآية، و الآخر فيسورة إبراهيم، و له هناك معنى أوسع و أشمل.

و قد فسّرت «أيّام» في الرّواياتالإسلامية بتفاسير مختلفة، و من جملتها ماورد في تفسير علي بن إبراهيم بأنّ أيّاماللّه ثلاثة: يوم قيام المهدي، و يومالموت، و يوم القيامة «2». و نقرأ في حديث آخر عن النّبي الأكرم (صلّىالله عليه وآله وسلّم ): «أيام اللّهنعماؤه و بلاؤه ببلائه» «3».

و على أية حال، فإنّ هذا التعبير يبينأهمية يوم القيامة، يوم تجلي حاكميةاللّه‏

1- سورة الزخرف، الآية 89.

2- تفسير نور الثقلين، المجلد 2، صفحة 526.

3- المصدر السابق.