امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 212
نمايش فراداده

اهتمام الدهريين، حيث كانوا يظنونه حاكماعلى نظام الوجود و حياة البشر.

و الدهر بمعنى أهل العصر و الزمان و أبناءالأيّام. و من المسلّم أنّ الدهر بالمعنى الأوّلأمر وهمي، أو نقول أنّه اشتباه في التعبيرحيث أطلق اسم «الدهر» بدل اسم اللّهالمتعالي الحاكم على كلّ عالم الوجود.أمّا الدهر بالمعنى الثّاني فهو الشي‏ءالذي ذمه كثير من الأئمة و العظماء،لأنّهم كانوا يرون أهل زمانهم خادعينمذبذبين لا وفاء لهم.

على أية حال، فإنّ القرآن الكريم أجابهؤلاء العبثيين بجملة وجيزة عميقة، تلاحظفي موارد أخرى من القرآن الكريم أيضا،فقال: وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ.

و قد ورد نظير هذا المعنى في الآية (28) منسورة النجم في من يظنون أنّ الملائكة بناتاللّه سبحانه: وَ ما لَهُمْ بِهِ مِنْعِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّاالظَّنَّ وَ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِيمِنَ الْحَقِّ شَيْئاً. و قد ورد هذا المعنى أيضا في القول بقتلالمسيح، النساء- 157، و عقيدة مشركي العربفي الأصنام، يونس- 66.

و هذا أبسط و أوضح دليل يلقى على هؤلاءبأنّكم لا تملكون أي شاهد أو دليل منطقيعلى مدعاكم، بل تستندون في دعواكم إلىالظن و التخمين فقط. و أشارت الآية التالية إلى إحدى ذرائعهؤلاء الواهية و حججهم الباطلة فيما يتعلقبالمعاد، فقالت: وَ إِذا تُتْلى‏عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَحُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوابِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «1».

كان هؤلاء يرددون أنّ إذا كان حياةالأموات و بعثهم حقّا فأحيوا آباءناكنموذج لادعائكم، حتى نعرف مدى صدقكم، ولنسألهم عمّا يجري بعد الموت، و هليصدّقون ما تقولونه أم يكذبونه؟

1- «حجتهم» في الآية المذكورة خبر كان، و(أن قالوا ...) اسمها.