امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 363
نمايش فراداده

فنقرأ في الآية (50) من سورة الأنبياء: وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ.

و في الآية (29) من سورة ص: كِتابٌأَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌلِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ. و جاء في الآية (19) من سورة الأنعام: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُلِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ.

و تقول الآية الأولى من سورة إبراهيم:كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَلِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِإِلَى النُّورِ. و أخيرا، جاء في الآية (82) من سورة الإسراء:وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَشِفاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.

و لهذا، فإنّ القرآن الكريم يجب أن يأخذمكانه من حياة المسلمين، و يكون في صميمهالا على هامشها، و عليهم أن يجعلوه قدوتهم وأسوتهم، و أن ينفذوا كلّ أوامره، و أنيجعلوا خطوط حياتهم و طبيعتها منسجمة معه. لكنّ، جماعة من المسلمين- مع الأسفالشديد- لا يتعاملون مع القرآن إلّا علىأنّه مجموعة أوراد و أذكار، فهم يتلونهجميعا تلاوة مجرّدة، و يهتمون أشدّالاهتمام بالتجويد و مخارج الحروف و حسنالصوت، و أكثر شقاء المسلمين و تعاستهميكمن في أنّهم أخرجوا القرآن عن كونهدستورا جامعا لحياة البشر، و اكتفوابترديد ألفاظه، و قنعوا بذلك.

و الجدير بالانتباه أنّ الآيات موردالبحث تقول بصراحة: إنّ هؤلاء المنافقينالمرضى القلوب لم يتدبّروا في القرآن،فلاقوا هذا المصير الأسود. «التدبّر» من مادة دبر، و هو تحقيق و بحثنتائج الشي‏ء و عواقبه، بعكس «التفكر»الذي يقال غالبا عن علل الشي‏ء و أسبابه،و استعمل كلا التعبيرين في القرآن.

لكن، ينبغي أن لا ننسى أنّ الاستفادة منالقرآن تحتاج إلى نوع من تهذيب النفس وجهادها، و إن كان القرآن بنفسه معينا فيتهذيبها، لأنّ القلوب إذا كانت‏