امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 16 -صفحه : 569/ 372
نمايش فراداده

إنّ الإنسان لا يستطيع عادة أن يكتم ماينطوي عليه ضميره لمدة طويلة دون أن يظهرذلك في كنايات كلامه و إشاراته و لحنه، ولذلك نقرأ

في حديث عن أمير المؤمنين علي عليهالسّلام: «ما أضمر أحد شيئا إلّا ظهر فيفلتات لسانه، و صفحات وجهه» «1».

و قد ذكرت آيات القرآن الأخرى كلماتالمنافقين الجارحة، و التي هي مصداق للحنالقول هذا، أو حركاتهم المشبوهة، و لعلّهلهذا السبب قال بعض المفسّرين: إنّ النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم كان يعرفالمنافقين جيدا، من خلال علاماتهم، بعدنزول هذه الآية. و الشاهد على هذا الكلام هو أنّ النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم أمر بأن لايصلّي على من مات منهم و لا يقوم على قبرهداعيا اللّه له: وَ لا تُصَلِّ عَلى‏أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لاتَقُمْ عَلى‏ قَبْرِهِ «2».

لقد كان الجهاد بالذات من المواقف التيكان المنافقون يعكسون فيها ما يعيشونه فيداخلهم، و قد أشارت آيات كثيرة في القرآنالكريم، و خاصّة في سورة التوبة و الأحزابإلى وضع هؤلاء قبل الحرب حين جمعالمساعدات و إعداد العدّة للحرب، و فيأثناء الحرب في ساحتها إذا اشتد هجومالعدو و استعرت حملته، و بعد الحرب عندتقسيم الغنائم، حتى وصل الأمر بالمنافقينإلى أن يعرفهم حتى المسلمون العاديّون فيهذه المشاهد و المواقف.

و اليوم أيضا لا تصعب معرفة المنافقين منلحن قولهم و مواقفهم المضادة في المسائلالاجتماعية المهمة، و خاصة عندالاضطرابات أو الحروب، و يمكن التعرفعليهم بأدنى دقة في أقوالهم و أفعالهم، وما أروع أن يعي المسلمون أمرهم و يستيقظواو يستلهموا من هذه الآية تعليماتهاليعرفوا هذه الفئة الحاقدة الخطرة

1- نهج البلاغة، الكلمات القصار، الجملة 26.

2- التوبة، الآية 84.