يأخذوا بأخبار الفاسقين دون تبيّن لكانوامصونين من هذه البلايا الخطيرة! و الجديربالذكر أنّ المسألة المهمّة هنا هي الوثوقو الاعتماد على الخبر ذاته، غاية ما فيالأمر قد يحصل هذا الوثوق من جهة الاعتمادعلى الشخص المخبر تارة، و تارة من القرائنالأخر الخارجية ... و لذلك فإنّنا قد نطمئنإلى «الخبر» أحيانا و إن كان «المخبر»فاسقا ...
فعلى هذا الأساس، فإنّ هذا الوثوق أوالاعتماد كيف ما حصل، سواء عن طريقالعدالة و التقوى و صدق القائل أم عن طريقالقرائن الخارجية، فهو معتبر عندنا، وسيرة العقلاء التي أمضاها الشارعالإسلامي مبنية على هذا الأساس ...
و لذا فإنّنا نرى في الفقه الإسلامي كثيرامن الأخبار ضعيفة السند لكن لأنّها جرىعليها «عمل المشهور» و وقف على صحة الخبرمن خلال قرائن خاصة، فلذلك أصبحت هذهالأخبار (الضعيفة السند) صالحة للعمل و جرتفتاوى الفقهاء على وفقها. و على العكس من ذلك قد تقع أخبار عندناقائلها معتبر و لكنّ القرائن الخارجية لاتساعد على قبوله، فلا سبيل لنا إلّاالاعراض عنه و إن كان المخبر عادلا و«معتبرا» ...
فبناء على هذا- إنّ المعيار هو الاعتمادعلى الخبر نفسه- في كلّ مكان- و إن كانالغالب كون الوسيلة هي عدالة الراوي وصدقه- لهذا الاعتماد- إلّا أنّ ذلك ليسقانونا كليّا. (فلاحظوا بدقّة).
و الآية التالية- و للتأكيد على الموضوعالمهم في الآية السابقة- تضيف قائلة: وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَاللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍمِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ «1».
و تدلّ هذه الجملة- كما قاله جماعة منالمفسّرين أيضا- أنّه بعد أن أخبر
1- كلمة «لعنتّم»: مشتقّة من مادة العنت ومعناه الوقوع في عمل يخاف الإنسان عاقبتهأو الأمر الذي يشقّ على الإنسان، و من هناقيل للألم الحاصل من العظم المكسور عندتعرّضه للضربة بأنّه عنت ..