فكما تسعون للإصلاح بين الأخوين فيالنسب، فينبغي أن لا تألوا جهدا في الدخولبصورة جادّة للإصلاح بين المؤمنينالمتخاصمين بعدالة تامّة! و ما أحسنه منتعبير و كم هو بليغ إذ يعبّر القرآن عنجميع المؤمنين بأنّهم «أخوة» و أن يسمّيالنزاع بينهم نزاعا بين الأخوة! و أنّهينبغي أن يبادر إلى إحلال الإصلاح والصفاء مكانه ...
و حيث أنّه في كثير من الأوقات تحل«الروابط» في أمثال هذه المسائل محل«الضوابط» فإنّ القرآن يضيف في نهاية هذهالآية مرّة أخرى قائلا: وَ اتَّقُوااللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. و هكذا تتّضح إحدى أهم المسؤولياتالاجتماعية على المسلمين في ما بينهم فيتحكيم العدالة الاجتماعية بجميع أبعادها.
هناك باب في الفقه الإسلامي بعنوان: «قتالأهل البغي» ضمن كتاب الجهاد، و المراد منهقتال الظلمة الذين ينهضون بوجه «الإمامالعادل في المسلمين» و قد وردت فيهم أحكامكثيرة في هذا الباب ...
إلّا أنّ ما أثارته الآية الآنفة موضوعآخر، و هو النزاع الواقع بين الطائفتينالمؤمنين، و ليس في هذا النزاع نهوض بوجهإمام المسلمين العادل و لا نهوض بوجهالحكومة الإسلامية الصالحة. و قد أراد بعضالفقهاء أو المفسّرين أن يستفيدوا من هذهالآية «في المسألة السابقة» إلّا أنّ هذاالاستدلال كما يقول الفاضل «المقداد» في«كنز العرفان» خطأ بيّن «1». لأنّ القيام والنهوض بوجه الإمام
1- كنز العرفان في فقه القرآن، كتابالجهاد، باب أنواع أخر من الجهاد- الجزءالأول، ص 386.