أجل، خلق الأرض من جهة، ثمّ اتّساعها «وخروجها من تحت الماء» من جهة اخرى، و وجودالجبال «الرواسي» عليها و ارتباط بعضهاببعض كأنّها السلاسل التي تشدّ الأرض وتحفظها من الضغوط الداخلية و الخارجية والجزر و المدّ الحاصلين من جاذبية الشمس والقمر من جهة ثالثة ... و وجود أنواعالنباتات بما فيها من عجائب و اتّساق وجمال من جهة رابعة جميعها تدلّ على قدرتهاللّامحدودة «1».
و التعبير بـ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ إشارة إلىمسألة الزوجية في عالم النباتات التي لمتكن معروفة كأصل كلّي حين نزول الآياتمحلّ البحث، و بعد قرون و سنين متطاولةاستطاع العلم أن يميط النقاب عنها. أو أنّهإشارة إلى اختلاف النباتات و أنواعهاالمتعدّدة، لأنّ التنوّع و الاختلاف فيعالم النبات عجيب و مذهل.
أمّا الآية التالية فهي بمثابة الاستنتاجإذ تقول: تَبْصِرَةً وَ ذِكْرى لِكُلِّعَبْدٍ مُنِيبٍ «2».
أجل إنّ من له القدرة على خلق السماواتبما فيها من عظمة و جمال و جلال، و الأرضبما فيها من نعمة و جمال و دقّة، كيف لايمكنه أن يلبس الموتى ثوب الحياة مرّةاخرى و أنّ يجعل لهم معادا و حياة اخرى!؟
ترى أ ليست هذه القدرة المذهلة العظيمةدليلا واضحا على إمكان المعاد؟! أمّاالآية التالية ففيها استدلال آخر على هذاالأمر إذ تقول: وَ نَزَّلْنا مِنَالسَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنابِهِ جَنَّاتٍ وَ حَبَّ الْحَصِيدِ.
«الجنّات» هنا إشارة إلى بساتين الثمار،أمّا حَبَّ الْحَصِيدِ فإشارة إلى الحبوبالتي تعدّ مادّة أساسيّة لغذاء الإنسانكالحنطة و الشعير و الذرّة و غيرها
1- كنّا قد بحثنا فوائد إيجاد الجبال واتّساع الأرض و يسطها و زوجية النباتاتبحثا مفصّلا في سورة الرعد ذيل الآية (3). 2- يمكن أن تكون تبصرة مفعولا لأجله كمايمكن أن تكون مفعولا مطلقا .. إلّا أنّالاحتمال الأوّل أنسب، و مثل هذا يقعالكلام على كلمة «ذكرى».