و عمّروا طويلا في قصور مشيّدة .. اهلكوابسبب إعراضهم عن أمر اللّه و طغيانهم وعنادهم و الشرك و الظلم، و بقيت آثارهمدرسا بليغا من العبر للآخرين.
و في آخر آية من الآيات محلّ البحث إشارةقصيرة إلى عاقبة خامس أمّة من الأمم، و هيقوم نوح فتقول: وَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْقَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماًفاسِقِينَ «1».
و «الفاسق» يطلق على من يخرج على حدوداللّه و أمره، و يكون ملوّثا بالكفر أوالظلم أو سائر الذنوب.
و التعبير بـ «من قبل» لعلّه إشارة إلىأنّ قوم فرعون و قوم لوط و عادا و ثمود كانقد بلغهم ما انتهى إليه قوم نوح من عاقبةوخيمة، إلّا أنّهم لم يتنبهوا، فابتلوابما ابتلي به من كان قبلهم من قوم نوح!
ممّا ينبغي الالتفات إليه أنّه ورد فيالآيات الآنفة الإشارة إلى قصص خمس امم منالأمم المتقدّمة «قوم لوط، فرعون، عاد،ثمود، و قوم نوح» و قد أشير إلى جزاء أربعمن هذه الأمم و ما عوقبت به، إلّا أنّه لمترد الإشارة في كيفية عقاب قوم نوح.
و حين نلاحظ بدقّة نجد كلّ امّة من الأممالأربع المتقدّم ذكرها عوقبت بنوع منالعناصر الأربعة المعروفة! فقوم لوطعوقبوا بالزلزلة و الحجارة (من السماء) أيأنّهم أهلكوا بالتراب، و قوم فرعون أهلكوابالماء غرقا- و عاد أهلكوا بريح صرصر عاتية(سريعة) و ثمود أهلكوا بالصاعقة و «النار».
1- هناك حذف في الجملة المتقدّمة و تقديرهكما يقول «الزمخشري» في «الكشّاف» وأهلكنا قوم نوح من قبل، بالرغم من أنّأهلكنا لم تكن في الآيات المتقدّمة إلّاأنّ هذه الكلمة تستفاد منها بصورة جيّدة.