لِيَعْبُدُونِ فيسّر كلا لما خلق له،فويل لمن استحبّ العمى على الهدى» «1».
و هذا الحديث إشارة ذات معنى غزير إلى هذهالحقيقة، و هي أنّ اللّه لمّا خلق الناسلهدف تكاملي هيّأ له و سائله التكوينية والتشريعية و جعلها في إختياره.
و نقرأ
في حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسّلام أنّ الإمام الحسين خطب أصحابهفقال: «إنّ اللّه عزّ و جلّ ما خلق العبادإلّا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوهاستغنوا بعبادته عن عبادة من سواه» «2».
و يرد هنا سؤال آخر، و هو إذا كان اللّه قدخلق العباد ليعبدوه، فعلام يختار قسم منهمطريق الكفر؟ و هل يمكن أن تتخلّف إرادةاللّه عن هدفه؟! و في الحقيقة إنّ الذينيوردون هذا الإشكال خلطوا بين الإرادةالتكوينية و الإرادة التشريعيّة. لأنّالهدف من العبادة لم يكن إجباريا، بلالعبادة توأم الإرادة و الإختيار. و بهذايتجلّى الهدف بصورة تهيأة الأرضية أوالمجال .. فمثلا لو قلت إنّي بنيت هذاالمسجد ليصلّي الناس فيه، فمفهومه أنّنيهيّأته لهذا العمل! لا أنّني أجبر الناسعلى الصلاة فيه! و كذلك في الموارد الاخركبناء المدرسة للدرس، و المستشفىللتداوي، و المكتبة للمطالعة! و هكذا فإنّاللّه هيّأ هذا الإنسان للطاعة و العبادة،و وفّر له كلّ وسائل المساعدة من قبيل والعقل و العواطف و القوى المختلفة فيالداخل، و إرسال الأنبياء و الكتبالسماوية و المناهج التشريعية في الخارجإلخ.
و من المسلّم به أنّ هذا المعنى في المؤمنو الكافر واحد، إلّا أنّ المؤمن أفاد منهذه الإمكانات، و الكافر لم يفد!
1- توحيد الصدوق طبقا لما نقل في الميزان،ج 18، ص 423. 2- علل الشرائع للصدوق- طبقا للمصدر الآنف.