امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 158
نمايش فراداده

«أمددناهم» مشتق من الإمداد و معناهالعطاء و الزيادة و الإدامة .. أي أنّ طعامالجنّة و فواكهها لا ينقص منهما شي‏ءبتناولهما، و هما ليسا كطعام الدنيا وفواكهها بحيث يتغيّران أو ينقصان.

و التعبير بـ مِمَّا يَشْتَهُونَ يدلّعلى أنّ أهل الجنّة أحرار تماما في انتخابالأطعمة و نوعها و كميّتها و كيفيتها،فمهما طلبوا فهو مهيئ لهم .. و بالطبع فإنّطعام الجنّة غير منحصر بهذين النوعيناللحم و الفاكهة، إلّا أنّهما يمثّلانالطعام المهمّ، و تقديم الفاكهة على اللحمإشارة إلى أفضليّتها عليه.

ثمّ تشير الآية التالية إلى ما يشربه أهلالجنّة من شراب سائغ فتقول:

يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌفِيها وَ لا تَأْثِيمٌ! حيث يناول أحدهمالآخر كؤوس الشراب الطاهر من الإثم والإفساد، و يشربون شرابا سائغا عذبا لذيذايهب النشاط خاليا من أي نوع من أنواعالتخدير و فساد العقل! و لا يعقبه لغو و لاإثم، بل كلّه لذّة و انتباه و نشاط «جسمي وروحاني».

و كلمة «يتنازعون» من مادّة التنازع ومعناه أخذ بعضهم من بعض، و قد يأتيللمخاصمة و التجاذب، لذلك قال بعضالمفسّرين بأنّ أهل الجنّة يتجاذبونالشراب الطهور بعضهم من بعض على سبيلالمزاح و السرور.

لكن كما يستفاد من كلمات أهل اللغة أنّ«التنازع» متى أطلق معه لفظ الكأس أو ماأشبه فمعناه أخذ الكأس من يد الآخر! و لايعني التخاصم أو التجاذب! و ينبغيالالتفات إلى هذه اللطيفة اللغوية و هيأنّ «الكأس» هي الإناء المملوء فإذا كانخاليا لا يطلق عليه كأس «1».

و على كلّ حال، فحيث أنّ التعبير بالكأسيتداعى منه إلى الشراب المخدّر

1- قال الراغب في مفرداته: الكأس: الإناءبما فيه من الشراب و قال في مجمع البحرينكذلك فإذا خلا الإناء سمّي «قدحا».