امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 226
نمايش فراداده

يشغل فكر الإنسان هو النجاة في الآخرة .. وحاكمية اللّه في الدار الآخرة تتجلّى أكثرمنها في هذه الدنيا.

و هكذا فإنّ القرآن يقطع أمل المشركينتماما- بشفاعة الأصنام- و يسدّ بوجوههم هذهالذريعة بأنّها تشفع لهم «و يقولون هؤلاءشفعاؤنا عند اللّه».

و هناك احتمال آخر في تفسير الآيتين آنفتيالذكر: و هو أن يتوجّه الإنسان نحو اللّهلعدم بلوغه أمانيّه و ما يرغب إليه .. لأنّالآية الاولى من الآيات محلّ البحث تقول:أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى؟ و هذااستفهام إنكاري، و حيث أنّ جواب هذاالاستفهام أو السؤال بالنفي قطعا، لأنّالإنسان لا ينال كثيرا من أمانيه أبدا، وهذا يدلّ على أنّ تدبير هذا العالم بيداخرى تتحكّم في هذا العالم، و لذلك فإنّالآية الثانية تقول: حيث كان الأمر كذلكفَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَ الْأُولى‏! وهذا المعنى يشبه ما جاء

في كلام الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسّلام: «عرفت اللّه بفسخ العزائم و حلّالعقود و نقض الهمم» «1».

و لا يبعد الجمع بين هذا التّفسير والتّفسير السابق أيضا.

و في آخر الآيات محلّ البحث يقول القرآنمضيفا و مؤكّدا على هذه المسألة:

وَ كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لاتُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّامِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُلِمَنْ يَشاءُ وَ يَرْضى‏.

فحيث لا تستطيع الملائكة على عظمتها حتّىو لو بشكل جماعي أن تشفع لأحد إلّا بإذناللّه و رضاه، فما عسى ينتظر من هذهالأصنام التي لا قيمة لها، و هي لا تعيشيئا!؟. و حينما تتساقط النسور المحلّقة وتهوي بأجنحتها عاجزة فما تنفع البعوضةالضعيفة؟ أليس من المخجل أن تقولوا إنّمانعبدهم ليقرّبونا إلى اللّه زلفى، أوهؤلاء شفعاؤنا عند اللّه؟!

1- نهج البلاغة، الكلمات القصار- الكلمةرقم 250.