و ممّا ينبغي الالتفات إليه أنّ اللّهسبحانه جعل هذا الوعد لعباده وعدا محتوماعلى نفسه، و صدق كلام اللّه يوجب أن لايخلف وعده.
ثمّ يضيف القرآن في الآية التالية قائلا:وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنىفاللّه سبحانه لم يرفع حاجات الإنسانالمادية عنه بلطفه العميم فحسب، بل أولادهغنى يرفع عنه حاجاته المعنوية من امورالتربية و التعليم و التكامل عن طريقإرسال الرسل إليه و إنزال الكتب السماويةو إعطائه المواهب العديدة.
«و أغنى»: فعل مشتق من غني و معناه عدمالحاجة.
«و أقنى»: فعل مشتقّ من قنية على وزن جزية،و معناها الأموال التي يدّخرها الإنسان«1».
فيكون معنى الآية على هذا النحو: هو أغنىأي رفع الحاجات الفعلية، و أقنى معناهإيلاء المواهب التي تدخّر سواء في الأمورالمادية كالحائط أو البستان و الأملاك وما شاكلها، أو الأمور المعنوية كرضا اللّهسبحانه الذي يعدّ أكبر «رأس مال» دائم! وهناك تفسير آخر لأقنى، و هو أنّه ما يقابلأغنى، أي أنّ الغنى و الفقر بيد قدرته،نظير ذلك ما جاء في الآية (26) من سورة الرعد:اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْيَشاءُ وَ يَقْدِرُ.
إلّا أنّ هذا التّفسير لا ينسجم مع ما وردعن «أقنى» من معنى في كتب اللغة و الآيةالمذكورة في هذا الصدد لا يمكن أن تكون«شاهدا» على هذا التّفسير.
أمّا آخر آية من الآيات محلّ البحث فتقول:وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى.
و التعويل في القرآن على «الشعرى» النجمالمعروف في السماء بالإضافة إلى أنّه أكثرالنجوم لمعانا و يطّلع عند السحر في مقربةمن الجوزاء ممّا يلفت النظر
1- راجع المفردات للراغب، مادّة قني.