و ما يسترعي النظر أنّ القرآن أشار إلىصفتي الضحك و البكاء دون سائر أفعالالإنسان، لأنّ هاتين الصفتين خاصّتانبالإنسان و غير موجودتين في الحيواناتالاخر أو نادرتان جدّا.أمّا تصوير انفعالات الإنسان عند الضحكأو البكاء و علاقتهما بالتغيّرات في نفسالإنسان و روحه فانّها غريبة و عجيبةجدّا، و كلّ هذه الأمور في مجموعها يمكن أنتكون آية واضحة من آيات المدبّر الحقّ،بالإضافة إلى التناسب الموجود بين الضحك والبكاء و الحياة و الفناء! و على كلّ حال،فانتهاء جميع الأمور إلى تدبير اللّه وربوبيته لا ينافي أصل الإختيار و حريةإرادة الإنسان، لأنّ الإختيار و حريةالإرادة في الإنسان أيضا من قبل اللّه وتدبيره و تنتهي إليه!.و بعد ذكر الأمور المتعلّقة بالربوبية والتدبير من قبل اللّه يتحدّث القرآن عنموضوع المعاد فيقول: وَ أَنَّ عَلَيْهِالنَّشْأَةَ الْأُخْرى.«النشأة»: معناها الإيجاد و التربية، و«النشأة الاخرى» ليست شيئا سوى القيامة! والتعبير بـ «عليه» من جهة أنّ اللّه لمّاخلق الناس و حمّلهم الوظائف و المسؤولياتو أعطاهم الحرية و كان بينهم المطيعون وغير المطيعون و الظلمة و المظلومون و لميبلغ أي من هؤلاء جزاءه النهائي في هذاالعالم، اقتضت حكمته أن تكون نشأة اخرىللتحقّق العدالة.أضف إلى ذلك فإنّ الحكيم لا يخلق هذاالعالم الواسع لأيّام أو سنوات محدودة بمافيها من مسائل غير منسجمة، فلا بدّ أن يكونمقدّمة لحياة أوسع تكمن فيها قيمة هذاالخلق الواسع، و بتعبير آخر إذا لم تكنهناك نشأة اخرى فإيجاد هذا العالم لا يبلغهدفه النهائي!