2- أسماء دون مسميّات
إنّ واحدا من أقدم أسس الشرك هو تنوّعالموجودات في العالم حيث أنّ ذوي الفكرالقصير و النظر الضيّق لم يستطيعوا تصديقأنّ كلّ هذه الموجودات المتنوّعة فيالسماء، و الأرض مخلوقة للّه الأحد«لأنّهم يقيسون ذلك بأنفسهم إذ لا يتسنّىلهم التسلّط إلّا على أمر واحد أو عدّةامور» لذلك كانوا يزعمون أنّ لكلّ نوع منالموجودات ربّا يعبّر عنه «بربّ النوع»كربّ نوع البحر، و ربّ نوع الصحراء، و ربّنوع المطر، و ربّ نوع الشمس، و ربّ الحرب،و ربّ الصلح ...و هذه الآلهة المزعومة التي كانوايسمّونها الملائكة أحيانا كانت حسباعتقادهم تحكم هذا العالم و حيثما تقعمشكلة يلتجأ إلى ربّ نوعها و حيث أنّ أربابالأنواع لم تكن موجودات محسوسة فقد صنعوالها تماثيل و عبدوها! هذه العقائدالخرافية انتقلت من اليونان إلى المناطقالاخرى حتّى وصلت إلى الحجاز، و لكن حيثأنّ التوحيد الإبراهيمي كان سائدا لدىالعرب فلم يمكنهم إنكار وجود اللّه، فمزجتهذه العقائد واحدة بالأخرى، ففي الوقتالذي يعتقدون فيه باللّه اعتقدوابالملائكة الذين هم في زعمهم بناته، وعبدوا الأحجار التي صنعوا منها التماثيل.فالقرآن هدم هذه الخرافات بعبارة موجزةغزيرة المعنى فقال: إِنْ هِيَ إِلَّاأَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْسُلْطانٍ فلم يك أي شيء صادرا1- الاحتمال الأوّل جاء في الكشّاف والثاني في بلوغ الإرب.2- بلوغ الإرب، ج 2، ص 202 و 203.