و لهذا السبب فإنّ اللّه تعالى يأخذالإقرار من عباده بعد ذكر كلّ واحدة من هذهالنعم، و تتكرّر الآية في الآيات اللاحقةأيضا، و بعد ذكر نعم اخرى، بحيث يصبح عددها31 مرّة.
إنّ هذا التكرار ليس فقط لا يتنافى معالفصاحة، بل إنّه فنّ من فنونها، و يشبههذا الأمر التكرار الذي يؤكّده الأب لابنهالذي يغفل عن وصاياه بصورة مستمرّة،فيخاطبه بصيغ مختلفة تأكيدا لعدم الغفلة والنسيان حيث يقول له: أنسيت يا ولدي ضعفك وطفولتك؟ أتعرف كم من الجهد بذلت من أجلتنميتك و تربيتك.
أنسيت يا ولدي كم أحضرت من الأطباءالأخصائيين يوم مرضك، و كم بذلت سعيا وجهدا في ذلك.
أنسيت يا ولدي حينما بلغت سنّ الشباب مابذلته من جهد في زواجك حيث انتخبت لك زوجةمن أكثر النساء عفّة و طهرا؟
أنسيت يا ولدي جهدي في مسألة إعداد بيتك ومستلزماته؟ ... فإذا لم تنس كلّ هذا فلما ذاالعناد و الطغيان و القسوة و عدم الوفاءإذا؟
إنّ اللّه تعالى يذكّر عباده الغافلينبصورة مستمرّة بنعمه المختلفة، و هكذايسألهم بعد كلّ نعمة من هذه النعمفَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ،فلما ذا هذا العصيان و الطغيان في حين أنّطاعتي هي رمز لتكاملكم و تقدّمكم، و إنّهذا ينفعكم و لن ينفع اللّه شيئا؟!
2- مسألة النظم و الحساب في الحياة
يوجد في جسم الإنسان أكثر من عشرين عنصرامعدنيا، و كلّ واحد منها بكيفية خاصّة وكمية معيّنة، و إذا ما حصل أقل تغيّر فيمقاديرها و نسبها فإنّ حياتنا تكون فيخطر، فمثلا في فصل الصيف إذا تعرّقالإنسان أكثر من اللازم عندئذ يصاببالصدمة التي قد تؤدّي إلى الموت و السببفي ذلك بسيط جدّا،