4- بداية و نهاية سورة القمر
النقطة الجديرة بالذكر أنّ «سورة القمر»بدأت بإنذار و تخويف المشركين بقرب وقوعيوم القيامة، و انتهت بهدوء يطمئنالمؤمنين الحقيقيين في مقعد صدق عند مليكمقتدر، و هذا هو الطريق المرسوم للتربية،حيث يبدأ بالتحذير و التخويف و ينتهيبطمأنة النفوس المضطربة و تقويم الأهواءالمنحرفة و رفع الخوف و الاضطراب و عندئذتغمر الأرواح بالسكينة و الهدوء بالقرب منالجوار الإلهيّ الأبدي.و الحقيقة أنّ الإيمان بأنّ اللّه هوالمالك الذي ليس له منازع و الحاكم الذي لارادّ لحكمه في كلّ الوجود، و اليقين بأنّاللّه هو المقتدر، النافذة قدرته على كلّشيء ... يبعث في الإنسان هدوءا منقطعالنظير.و قد نقل بعض المفسّرين أنّ هذين الاسمينالمقدّسين مليك و مقتدر لهما تأثير عميقفي استجابة الدعاء حتّى نقل بعض الرواة:إنّني داخل المسجد و كنت أتصوّر بأنّهالصبح و لكن تبيّن لي عدم انقضاء الليل وبقي قسط كبير منه، و لم يكن أحد غيري فيالمسجد، و فجأة سمعت حركة من ورائي، فخفت ولكنّي رأيت أنّ شخصا مجهولا قد ناداني:أيّها الشخص المملوء قلبك خوفا لا تخف وقل: «اللهم إنّك مليك مقتدر، ما تشاء منأمر يكون». ثمّ اطلب ما تريد، فيقول: إنّيقرأت هذا الدعاء المختصر و لم أطلب شيئاإلّا و أجيب «1».ربّنا، أنت المليك المقتدر فتفضّل علينابالتوفيق في كلّ إيمان و عمل و تقوى، كينكون في مقعد صدق و في جوار قربك و رحمتك.1- روح المعاني، ج 27، ص 83.