إنّ ضعفكم هذا دليل أيضا على أنّ مالكالموت و الحياة واحد، و أنّ الجزاء بيده، وهو الذي يحي و يميت.
«مدينين»: جمع (مدين) من مادّة (دين) بمعنىالجزاء، و فسّرها البعض بمعنى المربوبين.و المعنى هو: يا أيّها العباد، إن كنتم تحتربوبية موجود آخر، و مالكي نواصي أموركم،فارجعوا أرواحكم التي قبضناها، و هيهاتتقدرون! و هذا دليل آخر على أنّكم في قبضةالحكومة الإلهية.
تعقيب
1- لحظة ضعف الجبّارين
إنّ الهدف من هذه الآيات- في الحقيقة- هوبيان قدرة اللّه عزّ و جلّ على مسألة الموتو الحياة، كي ينتقل منها إلى مسألة المعادو إختيار لحظات الاحتضار و الموت هنالظهور غاية الضعف الإنساني بالرغم من كلّالقوّة التي يتصوّرها لنفسه.
و من المفيد أن نستعرض بعض حالاتالجبّارين لحظة احتضارهم بالرغم من أنّهمكانوا في أوج القدرة حتّى يتّضح المعنىالعميق لهذه الآية بصورة أفضل.
حكى المسعودي في مروج الذهب في أخبارالمأمون و غزاته أرض الروم ما هذا ملخّصه:و انصرف من غزاته إلى منزل على (عينالبديدون) المعروفة بالقشيرة فأقامهنالك، فوقف على العين فأعجبه برد مائها وصفاؤه و بياضه و طيب حسن الموضع، و كثرةالخضرة فأمر بقطع خشب طويل منبسط علىالعين كالجسر، و جعل فوقه كالأزج من الخشبو ورق الشجر، و جلس تحت الكنسية التي عقدتله، و الماء تحته، و طرح في الماء درهمصحيح، فقرأ كتابته و هو في قرار الماءلصفاء الماء، و لم يقدر أحد أن يدخل يده منشدّة برده.