بحوث
1- حقيقة الموت
يتصوّر أغلب الناس أنّ الموت أمر عدمي ومعناه الفناء، إلّا أنّ هذه النظرة لاتنسجم مع ما ورد في القرآن المجيد و ماتدلّ عليه الدلائل العقلية و لا توافقهاأبدا.فالموت في نظر القرآن أمر وجودي، و هوانتقال و عبور من عالم إلى آخر، و لذلكعبّر عن الموت في كثير من الآيات بـ«توفّي» و يعني تسلّم الروح و استعادتهامن الجسد بواسطة الملائكة.و التعبير في الآيات المتقدّمة وَ جاءَتْسَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ هو إشارةإلى هذا المعنى «1» أيضا، و قد جاء في بعضالآيات التعبير عن الموت بالخلق: الَّذِيخَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَياةَ (الملك- 2).و هناك تعبيرات متعدّدة عن حقيقة الموت فيالرّوايات الإسلامية،ففي رواية أنّ الإمام علي بن الحسين سئل:ما الموت؟ فقال: عليه السّلام: «للمؤمنكنزع ثياب وسخة قملة و فكّ قيود و أغلالثقيلة و الاستبدال بأفخر ثياب و أطيبهاروائح و أوطئ المراكب و آنس المنازل وللكافر كخلع ثياب فاخرة و النقل عن منازلأنيسة و الاستبدال بأوسخ الثياب و أخشنهاو أوحش المنازل و أعظم العذاب».و سئل الإمام محمّد بن عليّ عليه السّلامالسؤال الآنف ذاته فقال: «هو النوم الذييأتيكم كلّ ليلة إلّا أنّه طويل مدّته لاينتبه منه إلّا يوم القيامة» «2».و قد قلنا في المباحث المتعلّقة بالبرزخأنّ حالات الأشخاص متفاوتة في البرزخ،فبعضهم كأنّهم يغطّون في نوم عميق، وبعضهم «كالشهداء في سبيل اللّه1- في المراد من الباء في كلمة بالحقّ هناكاحتمالات عديدة، فمنهم قال معناه التعديةو الحقّ معناه الموت، و يكون معنى الجملةإنّ سكرات الموت لها واقعية أي أنّالسكرات تصحب معها الموت، و قيل أنّ الباءللملابسة، أي أنّ سكرات الموت تأتي معالحقّ.2- بحار الأنوار، ج 6، ص 155 [و يظهر أنّالمراد من الإمام محمّد بن علي هو الإمامالتاسع محمّد الجواد عليه السّلام].