فليس ذلك ليستفيد منهم، بل يريد أن يجودعليهم، و هذا على العكس من العبودية بينالناس، لأنّهم يطلبون الرقّ و العبيدليحصلوا بهم الرزق أو المعاش، أو أنيخدموهم في البيت، فيقدّموا لهم الطعام والشراب، و في كلتا الحالين فإنّما يعودنفعهم على مالكيهم، و هذا الأمر ناشئ عناحتياج الإنسان، إلّا أنّ جميع هذهالمسائل لا معنى لها في شأن اللّه، إذ ليسغنيّا عن عباده فحسب، بل هو يضمن لعبادهالرزق بلطفه و كرمه «و رزق الجميع علىاللّه».
2- اللّه ذو القوّة المتين
«المتين» كلمة مشتقّة من متن، و هو فيالأصل ما يكتنف العمود الفقري من لحم و عصبالتي تشدّ الظهر و نجعله مهيّأ لتحمّلالأعباء، و لذلك فقد استعمل «المتن» بمعنىالقوّة الكاملة و الطاقة و القدرة، فبناءعلى ذلك فإنّ ذكر «المتين» بعد ذكر كلمة«ذو القوّة» إنّما هو للتأكيد، لأنّ «ذوالقوّة» إشارة إلى أصل قدرة اللّه! «والمتين» إشارة إلى كمال القدرة، و حينتقترن هذه الكلمة بـ «الرزّاق» و هو صيغةمبالغة أيضا تدلّ على هذه الحقيقة، و هيأنّ اللّه له منتهى القدرة و التسلّط فيإيلاء الرزق و إعطائه لمن يشاء، و هو يوصلالرزق إلى أيّة جهة كانت و أي مكان كان .. فيأعماق البحار، و في قمم الجبال، و في سفوحالتلال و على ضفاف الأنهار، و في الوديان والصحاري و البراري .. و جميع ما في الوجود ومن في الوجود مجتمعون على مائدته الكريمة،إذا فخلق اللّه للإنسان و سائر الموجوداتلم يكن لحاجته إليهم، بل ليفيض عليهم منلطفه العميم.
3- لم قدّم ذكر الجنّ
مع أنّه يستفاد من آيات القرآن بشكل واضحأنّ الإنس أفضل من الجنّ، إلّا أنّه قدّمذكر الجنّ على الإنس في الآية الآنفة، ولعلّ الظاهر منه أنّ الجنّ خلقوا قبل