نقصان أو خلل يمكن فيهم، حيث ليس لديهمروح تواقة لمعرفة الحقّ و لا آذان صاغية، ونفوسهم متنكّبة عن التقوى و التدبّر فيالآيات الإلهية.
و القصد من «الأنباء» الإخبار عن الأمم والأقوام السابقة الذين هلكوا بألوانالعذاب المدمّر الذي حلّ بهم، و كذلكأخبار يوم القيامة و جزاء الظالمين والكفّار، حيث اتّضحت كلّ تلك الأخبار فيالقرآن الكريم.
و يضيف تعالى: حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَماتُغْنِ النُّذُرُ فهذه الآيات حكم إلهيّةبليغة و مواعظ مؤثّرة، إلّا أنّها لا تفيدأهل العناد «1» «2».
تبيّن هذه الآية أن لا نقص في «فاعليةالفاعل»، أو تبليغ الرسل. لكن الأمر يكمنفي مدى استعداد الناس و أهليتهم لقبولالدعوة الإلهيّة، و إلّا فإنّ الآياتالقرآنية و الرسل و الأخبار التي وردتهمعن الأمم السابقة و الأخبار التي تنبؤهمعن أحوال يوم القيامة ... كلّ هذه الأمور هيحكمة بالغة و مؤثّرة في النفوس الخيّرةذات الفطرة السليمة.
الآية التالية تؤكّد على أنّ هؤلاء ليسواعلى استعداد لقبول الحقّ، فأتركهم لحالهمو أعرض عنهم و تذكّر يوم يدعو الداعيالإلهي إلى أمر مخيف، و هو الدعوة إلىالحساب، حيث يقول سبحانه: فَتَوَلَّعَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلىشَيْءٍ نُكُرٍ «3».
و على هذا تكون عبارة: يَوْمَ يَدْعُالدَّاعِ عبارة مستقلّة و منفصلة عن جملة:
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ. لكن البعض يرى أنّكلّ واحدة من الجملتين مكمّلة للأخرى، حيثيذهبون إلى أنّ قوله تعالى: فَتَوَلَّعَنْهُمْ جاءت بصيغة الأمر للرسول صلّىالله عليه وآله وسلّم بالإعراض عنالمشركين الذين يرجون الشفاعة منه يومالقيامة عند ما يدعوهم
1- (حكمة بالغة) خبر لمبتدأ محذوف تقديره(هذه حكمة بالغة). 2- نذر جمع نذير و يعني (المنذرين) والمقصود بالمنذرين هي الآيات القرآنية وأخبار الأمم و الأنبياء الذين وصل صوتهمإلى أسماع الناس، و يحتمل البعض أنّ (نذر)مصدر بمعنى إنذار. لكن المعنى الأوّل هوالأنسب. و ضمنا فإنّ (ما) في عبارة (ما تغنبالنذر) نافية و ليست استفهامية. 3- في الآية أعلاه (يوم) يتعلّق بمحذوفتقديره (اذكر) و يحتمل البعض أنّها تتعلّقبـ (يخرجون) و لكن ذلك مستبعد.