امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 17 -صفحه : 500/ 308
نمايش فراداده

و السؤال المطروح هنا: في الوقت الذي نزلتهذه الآيات على قوم ثمود كان العذاب قد وقععليهم مجازاة لأعمالهم، فما معنى(سيعلمون) مع أنّهم قد هلكوا؟

هنالك إجابتان على هذا السؤال:

الأولى: إنّ حديث الآيات الكريمة كانموجّها للنبي صالح عليه السّلام، و منالمعلوم أنّ العذاب لم يكن قد نزل بهمحينئذ.

الثّانية: إنّ المقصود من (غدا) هو يومالقيامة الذي سيظهر فيه كلّ شي‏ء بوضوح. (والتّفسير الأوّل هو الأنسب عند ملاحظةالآيات اللاحقة).

و هنا يطرح تساؤل آخر: لماذا قال تعالى:سَيَعْلَمُونَ غَداً؟ في الوقت الذي لمسمشركو قوم ثمود صدق دعوة النّبي صالح عليهالسّلام لما شاهدوه من معجزاته غيرالقابلة للإنكار؟

و يتّضح الجواب على هذا التساؤل إذا علمناأنّ للعلم مراتب، و يمكن إنكاره من قبلالآخرين في بعض مراتبه، و قد يصل العلم بهمإلى مرتبة، لا يمكن إنكارها لما تمثّله منحقيقة صارخة متجسّدة للعيان، و المقصودهنا من جملة: سَيَعْلَمُونَ غَداً هوالعلم الحقيقي الذي لا يمكن إنكاره، والذي هو حقيقة العذاب الذي سيحلّ بقومثمود بصورة لا ريب فيها مطلقا.

ثمّ يشير سبحانه إلى قصّة «الناقة» التيأرسلت كمعجزة و دلالة على صدق دعوة صالحعليه السّلام حيث يقول: إِنَّا مُرْسِلُواالنَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْفَارْتَقِبْهُمْ وَ اصْطَبِرْ.

(الناقة) أنثى البعير، و هي ليست كبقيّةالنوق لما تتّصف به من خصوصيات خارقةللعادة، و طبقا للروايات المشهورة فإنّهذه الناقة قد خرجت من بطن صخرة جبل حجّةدامغة للمنكرين و المعاندين.

معنى «الفتنة»- كما مرّ في بحث سابق- هوالتمحيص و الاختبار، و اكتشاف مدى الإخلاصو الصفاء و الاستقامة عند الإنسان.

و من الواضح أنّ قوم ثمود قد جعلوا أمامإمتحان عسير، حيث يستعرض‏